حتى الآن لا يوجد سردية ثقافية سوريّة مشتركة بين السوريين ، تسمح ببناء دولة سوريّة متجانسة بقدر مقبول ، يمكن من خلالها تأمين متطلبات العيش الطبيعي لمواطنيها …
لدينا كمجموعات سوريّة مُكوّنة للجمهورية الحالية ، نظرة مختلفة في القيم والمناقب والتاريخ وشكل نظام الإدارة والقانون والأحوال الشخصية التي نريدها للدولة …..الخ
و هناك سرديات مظلومية تعتمدها هذه المجموعات تجاه الصيغة الحالية . تُفيد على سبيل المثال : أن هناك محو للهوية الحضارية لكل منها ، وأن نظام الحكم الحالي لا يراعي ثقافتها وهويتها الحضارية ، وإن فئة سوريّة أخرى تسلبها حقوقها…الخ
أزعم أن الإمكانية الوحيدة لبدء بناء دولة ، أكثر واقعية ، يستفيد من التجربة الكارثية التي مررنا بها في سوريا ، قد يكون بإعتماد نظام مقاطعات يضم المناطق التي تتمتع بمستوى مقبول من التجانس الإجتماعي والقيمي الذي يسمح لها ببدء سردية حضارية مشتركة مع الوقت ، فتعمد كل مقاطعة الى تبني نظام حكم وإدارة كامل ، يرتكز على تأمين متطلبات العيش وتحسين مستوى الدخل والاستثمار …الخ وفق ما يُلائمها
يتم اعتماد ما تقدم عبر الاستفتاء و الانتخاب الحر لسكان تلك المقاطعات ..
كإعتبار الشريعة الإسلامية مثلاً نظام للحياة السياسية في بعض المقاطعات…
أو العَلمَانية والديموقراطية خيار بعضها الأخر .
حيث هنا بين هذين الخيارين ، الصراع الأكثر شدّة ، الذي لا يمكن التحايل عليه بحذلقة بلاغية تنتج دستور مخادع ، يكون ستار لتقية من كل الأطراف ..
وفق ذلك يلتزم سكان كل مقاطعة بخياراتهم تلك ،وتحمل تبعات ما إختاروه ، مع بقاء المسؤوليات الأساسية من جيش وتمثيل خارجي وبعض الوزارات وفق طبيعتها … بقاءها بشكل مركزي .