خلال السنوات الماضية تشارك الطيران الروسي والإسرائيلي بقصف مدن وبلدات سوريّة ، عبر الخط الساخن بمطار حميميم ، في المناطق الخارجة عن سيطرة الأسد الإبن ، الذي يستظل ظل ” الدولة” ، وكذا قصف منشآت سوريّة في المناطق الخارجة عن سيطرة الفصائل المتطرفة التي تستظل ظل “الثورة ” .
لذلك فإسرائيل ليست معنية بتقديم خدمات بهذا المستوى لأي طرف ، بل مُدركة لمصالحها المفترضة ، التي تقتضي تدمير سوريا و ترميدها تماماً ، حتى تنشغل سوريا بنفسها عشرات السنين القادمة .
لم و لن تقوم إسرائيل بفعل أي أمر يُوقف قتل السوريين أو يُوقف تدمير سوريا ، أو تمنع أي أداة جرمية ولو صغيرة تقوم بفعل ولو صغير في سبيل ذلك ، بل هي تُركّز على تدمير سوريا بكل ما في الكلمة من معنى .
الوضع القائم بين نظامي الأسد الأب والإبن خلال خمسين سنة ” وبمعزل عن إفتراض التنسيق المسبق وهو أمر لا أستبعده “ ، كان وضعاً ذَا فائدة مهمة واستراتيجية لكلا الطرفين : إسرائيل تحظى بجبهة هادئة على الجولان الذي أصبح أحد أهم مصادر الدخل لإسرائيل ،و الذي أُحتل بطريقة صعبة التصديق حتى تاريخه بسبب طبيعته التضاريسية ،وتمت حرب تحرير له لا أحد يعرف ماذا حرر بها حتى تاريخه ، الأمر المُعبّر عنه ب ” إحترام اتفاقية الهدنة ” .
ونظامي الأسد الأب والأب يستمر بالسلطة ويستولي على الدولة ، بذريعة استرداد الجولان من إسرائيل ، بل ويُخصم من ميزانية الدولة العامة حوالي 75% وفق التصريح الرسمي من أجل الجيش والقوات المسلحة التي لم تكن تمارس أي جهد بهذا الصدد .
إسرائيل – تحت ضغط الواقع المستجد -دعمت مجموعات فصائل متطرفة في الجنوب لنفس الغاية المُنوّه عنها .
بيد إن الإستراتيجية الممتدة لعقود ، وفق تصورات اسرائيل ونظام الأسد الابن ، تقتضي هذا التناغم المصلحي (في أحسن حالات حسن النية إن لم يكن التنسيق المباشر ) المستمر منذ خمسين سنة. فهما يحتاجان بعضهما كأعداء مفترضين أكثر من حاجتهما لبعضهما كأصدقاء مُعلنين ، والخاسر الواقعي هو سوريا والسوريين ، نحن الآن كسوريين نُهلّل لقتل ” أُمّنا ” سوريا !.
الحكمة تقتضي الانتقال الى مستوى صراع حضاري أكثر واقعية ومردودية ، بعيداً عن لعبة شعارات زائفة تسرق وجود السوريين ، وبقية الناس في المشرق ، بل وتذهب بحياتهم .