°
, December 9, 2024 in
آخر الأخبار
دراسات اجتماعية

” الاضطراب السوروسي ” أ . أيهم نور الصباح حسن .

كلما أصابت سوريو الداخل مصيبة جديدة ( حكومية – اقتصادية – سياسية – كارثة طبيعية – ضربة إسرائيلية جديدة – …. ) تتطاول أعناق البعض نحو الحليف الروسي متسائلين عن سبب صمته و قعوده عن المساعدة , فيهُبُ عُشاق الروسي للتصدي لهذه التساؤلات و لَيِّ أعناق أصحابها و قد يصل بهم الأمر أحياناً إلى التشكيك بوطنية هؤلاء المتسائلين و حتى تخوينهم .

ينقسم هذا البعض المتسائل عن أسباب قعود الروسي و انكفائه عن المساعدة إلى فريقين :
فريق يعتبر الحليف الروسي هو الجدة الحنون التي تعين أمه المريضة ( سورية – أو الجهة السلطوية السورية التي ينتمي إليها ) , و تساؤلاته لا تعدو عن أن تكون مجرد عتب و لوم طفولي , و تحت هذا الاعتبار ينتمي هذا الفريق في حقيقة الأمر لعُشاق الروسي لكن تساوره بعض الشكوك و التساؤلات الخجولة حول تقصير الروسي من منظوره , و عند أول هجوم دفاعي لعشاق الروسي ضد المتسائلين يخجل من نفسه و ينكمش ثم يتراجع معيداً اصطفافه مع أصحابه العُشاق .
الفريق الثاني واعي و حذر , يحاول من خلال تساؤلاته التي يطرحها حول موقف الروسي تجاه أمر ما إعادة المفاهيم السياسية بهذا الخصوص إلى موقعها الحقيقي و التنبيه دوماً إلى أن علاقات الدول تبنى على المصالح لا على العواطف محفزاً الجميع على وعي ضرورة التعامل بحذر مع الصديق قبل العدو فالكل طامع و بشراهة في الذبيحة السورية .

أما عشاق الروسي المُصابين بالاضطراب السوروسي ( السوري الروسي ) فهؤلاء يعانون مما يسمى في علم النفس ” التعلق العاطفي المرضي ” لكن على مستوى الجماعة لا على مستوى الفرد , حيث يرى هؤلاء أن الجهة التي ينتمون إليها غير قادرة على تأمين حمايتهم و وجودهم دون دعم و مساندة الروسي و لهذا فإن الروسي بالنسبة لهم هو حامي وجودهم و ضامن بقاءهم و استمرارهم و هو الحصن المانع من اجتثاثهم و إفنائهم , و هذا ما يبرر لنا انفعالهم الشديد عند أي تعرض أو مساءلة لموقف روسي ما .
يُرافق التعلق العاطفي المرضي عادةً خوف هستيري من انفصال الكائن الداعم عن الجهة المدعومة و هلع شديد من فقدانه , لهذا فإن ثورة عُشاق الروسي عند كل نائبة و مساءلة هي خشية من تأثير هذه المساءلات على موقف الروسي تجاههم و التي ربما قد تتطور – برأيهم – إلى قرار روسي بالانسحاب و التوقف عن المساندة و الدعم .

و يتوضح الخلاف في الرؤية بين الجميع و عُشاق الروسي في أن ما يَهُم هؤلاء هو بقاء الروسي كحامي لوجودهم و بقائهم لا مواقفه كحليف سياسي أو اقتصادي أو …إلخ وفق المعاهدات و الاتفاقات الدولية , فكل القضايا الأخرى – في قرارة أنفسهم – تسقط أمام قضية الحياة و الوجود .
كما و يتميز عُشاق الروسي ( أو الإيراني أو التركي أو الأمريكي و حتى الإسرائيلي الذي بات له عشاق مؤخراً ) بالتابعية العمياء للداعِم المُسانِد , فقراراته و رؤياه و توجيهاته ذات صوابية مطلقة حتى و إن كانت لاتصُب في صالح وطن هؤلاء العشاق أو حتى إن كانت تتعارض مع مصالحهم الشخصية مباشرةً , كما أنه ليس لديهم أية مشكلة في تقديم التنازلات و الانبطاح لإثبات حالة التبعية و الخضوع خوفاً من تخلي الداعم عنهم أو فقدانه , و يتميزون أيضاً بالحساسية المفرطة تجاه النقد الذي يهدد طمأنينتهم المستمدة من استمرار بقاء الداعم , و عدم قدرتهم على تكوين أو تشكيل أي موقف أو رأي مستقل مخافة أي يكون هذا الموقف أو الرأي يؤثر بشكل ما على العلاقة مع الداعم المساند .

لهذا يا عزيزي السوري و كي لا يتحول حوارك مع أخيك السوري إلى جدال بيزنطي لا طائل منه , اعرف بدايةً لأيّ عُشاقٍ ينتمي محاورك , ثم حاول أن تطمئن خوفه حول وجوده و حياته , بعدها أوقظ بداخله سوريته النقية الصافية الحُرة , فبغير هذا لن نستطيع إنهاء هذا الاضطراب التعلُقي العاطفي المَرضِي و لن نتمكن من فصله عن عشيقه , و سنبقى كلٌ يدور في فلك عشيقٍ ما .. و مِنَ العِشقِ ما قتل …

المصدر : 

موقع الحوار المتمدن