هذا النمط من ” الدّين – التدين ” لدينا في سوريا و سائر المشرق ، هو خليط غير مُتجانس من القيم والأفكار وهي في أغلبها مُناقض للأخلاق الإنسانية . الشخصيات والوقائع الدينية خاصة ، التي نتناقلها بطمأنينة كبيرة لصحتها ومصداقيتها ، بل نُريد تأصيل كل تصرفاتنا الحاضرة وحلولنا المستقبلية بناء ما جرى منها كشخصيات دينية” مقدسة ” في تلك الوقائع ” المقدسة ” !من المُهم أن نُدرك إنها شخصيات و وقائع تمّت إعادة صياغتها ( في حال وجودها أصلاً ) عشرات بل مئات آلاف – إن لم يكن ملايين المرّات في الذهن الجمعي والثقافة المُتناقلة حتى وصلت إلينا ، هذه الثقافة النامية بالأصل في مناخ ، لم تتم فيه حرية المعرفة والإعتقاد والبحث المعرفي منذ حوالي ألف وخمسمائة سنة ، مـُضاف إليه عيوب منافذ الإدراك الطبيعية وتباينها بين البشر حاملي هذا ” الإرث ” لجهة السمع والبصر …. الخ وبالتالي تباين مستوى الوعي والإدراك والفهم والتعبير . والتأويل الممكن في كل مستوى من المفاهيم الأربعة التي ذكرت ، وكذلك إمكانية التأويل الكامنة في كل مادة أو شيء أو شخص واقعة ( كون ذلك جزء من طبيعة الحياة عينها ) …
فما بالك وأن هذه الشخصيات والوقائع ، نَمَتْ ووقعت – على فرض صحة ذلك أصلاً – في منطقة متعددة ومتشعبة أنواع الصراع الحضاري من قتال و دحض الأفكار ، تبدأ بين شخصين وتصل الى مستوى الحروب الكبرى بين قوى كبرى قديمة وراهنة …!
ما تقدّم جعل من هذا النمط ” الدين – التدين ” أمر مُعيق للحياة والوجود ،ومُعطّل للعقل“الذي هو الرسول الأول من أصل الكينونة – الله، في الحياة ولها ” فأصبح خطر علينا، وأصبحنا به وعبره خطر على الإنسانية …
لذلك لا بد لنا من وقفة مسؤولة أمام ذاتنا لنقول بكل بساطة هل ” تديننا – ديننا ” سٓمِحْ فعلاً ويدعو للأخلاق والتسامح والعدالة وتكريم المرأة والقيم والمناقب الحميدة …. الخ !
أم أنه مجموعة من الأحقاد والتأويلات الشخصية لأصحابها وسوء الظن والريبة و التّربص ومظاهر القتال المتبادل بالنص المنسوبة له القداسة ، والنوازع الشّريرة المُغلّفة ب ” سلوفان ” القداسة …؟
أزعم أن هناك إختبار علينا أن نُجريه لمعرفة واقع ما نحن من دين – تدين وتصرفات هذه الشخصيات والوقائع المقدسة كما وصلت إلينا ،،وكما نعيشها بعد إعادة صياغتها كما سلف ..
الاختبار:
أن ننزع القُدسية عن القائل أو النص المُقدّس الخاص بِنَا وبجماعتنا ، ونفترض موضوعياً أن شخص أخر غيرنا يقوله، ونضعه كقول له بمواجهتنا كمُخْتَلفين غير مؤمنين به . بل بقائل أخر ، أو نص لأخر، و مُقدّس لأخر !
فهل نبقى على رأينا بأننا أمام نص غير جرمي وغير مُنحاز و نصّ للرحمة ….! أم أمر أخر يُشكِّل خطر على المعرفة والقيم والأخلاق الإنسانية …؟
آن الآوان للبحث عن نمو أخر لمكارم الأخلاق والقيم الروحية .. خارج هذا الدين – التدين، معين الطغاة والمجرمين وإنحطاط القيم والمناقب وإعاقة نمو العقل وتطور الوجود …
علّ ذلك يضعنا على درب التّمدن الأخلاقي والحضاري الطويل الذي لم نضع خطوتنا الأولى عليه بعد !.