” العَلَمْ ” هو أحد المظاهر البروتوكولية للشرعية ( المقصود هنا المفهوم القانوني للكلمة ، لا البلاغي أو الحماسي )… مظهر يُضاف الى عدة مظاهر ، تُضفي على متبنيها من الأفراد أو المؤسسات صفة الإتساق والإنسجام مع الشرعية الناتجة عن المجتمع بإعتباره كياناً واحداً .
وتغيير العَلَمْ له إجراءاته الخاصة التي لا يتم التغيير بدونها ، بمعزل عن المحبة والكراهية للعَلَمْ ، وتبني عَلَمْ أخر دون المرور بالآلية القانونية المُتّبعة ، له تبعات على مستوى المُتبني ، وعلى مستوى الدولة والوجدان الجمعي العام، وكذلك على صعيد المنابر والمؤسسات الدولية ، وغني عن البيان أن العَلَمْ الوطني ” المعنى الإصطلاحي لا البلاغي والحماسي للكلمة ” ليس ملك لفرد أو عائلة أو حزب .. بل هو ملك المجتمع الذي تبناه وفق الآلية القانونية المتبعة والمترسّخ في الوجدان الجمعي مع مضي الزمن، شأنه شأن بقية محتويات الدولة ..
من التبعات ظهور المُتبني، لعَلَمْ جديد. من خارج الآلية المُعتبرة للتغيير ، ظهوره كمتمرد أمام المجتمع العام المحلي والدولي ، مع كل ما يستتبع هذه الصفة ” بمعزل عن النية الطيبة والمُحقة لصاحبها ” من الحرمان من كل إرث العَلَمْ المعتمد رسمياً على مستوى الوجدان العام والمنابر العامة الرسمية ، ولعل أول تفاصيل بدء الصراع وتفنيده وتعميقه من ناحية الشرعية بدأت من قبل الأسد الإبن عبر توجيهه أنصاره لوضع صورته الشخصية على زاوية علم الدولة للتمايز و لفترة من الوقت ، عندما كان السوريين الثائرين ضد الديكتاتورية يتبنون العَلَمْ الرسمي ، وهو أمر كان لصالحهم ، حيث أُظهر الأسد الإبن كمستولي على الدولة والعلم بشكل شخصي ، ساهم في ذلك تفاصيل عدة سابقة من قبيل شعار ” سوريا الأسد ” …. الخ
بيد أن هذا الإنتصار للثائرين السوريين في تفصيل من تفاصيل مظاهر الشرعية سرعان ما تغلب الأسد الإبن فيه ، وهو الذي يُدرك بحكم منصبه خطورة سحب مظاهر الشرعية منه ، سرعان ما سُحب هذا الإنتصار في هذا التفصيل من تفاصيل الصراع ، من خلال طرح ” علم الإستقلال كبديل !!! ( وليس لدي أدنى شك أن الأسد الإبن وراء هذا الأمر وإن بدا الأمر مطروحاً من الجهة المختلفة عنه ) وهنا بالذات بدأت تبعات تبني العلم الجديد على الثائرين السوريين ضد الديكتاتورية وظهورهم بمظهر المتمردين، وخروجهم من ساحة الصراع الحقيقية المجدية ، وبالتالي تحمل كل تبعات التمرد ومن كل صوب وفي كل تفصيل وأولها خسارتهم مظهر من مظاهر الشرعية البرتوكولية وكذلك كل تبعات هذا المظهر في ذهن ووجدان الناس والمؤسسات داخلاً وخارجاً باللاوعي الجمعي …
تفصيل العَلَمْ وكذا تفصيل المنتخب الوطني وغيره من التفاصيل ذات الصِّلة هي جزء من صراع كبير ومهم ، الإنتصار فيه لا يكون بناء على الحماس والنية ..بل على المُمكن والمُتاح ،والشغل في المساحة المجدية في الصراع ، لا مساحة الوهم الأيديولوجي ، من المهم أن ندرك أننا كبشر وكذلك كسوريين ، لن نكون متفقين على محبة وكراهية ، فهذا أمر من طبيعة الخلق ، وأن تلك الدوافع الشعورية لا تبني مكان مشترك ، بل أن العمل القانوني والإجتماعي المثمر عبر خطوات مدروسة ووفق مسؤولية محددة يجعلنا ننتصر بالقانون وبقيمنا في المكان وكذا في نفس الأخر المُختلف عنا المُصطف على أساس المحبة أو الكراهية .
10 تشرين أول 2017