°
, November 12, 2024 in
آخر الأخبار
ثقافة

رواية ” الأرض ” الحلقة الثانية ، ل : د. محمد عبدالله الأحمد

– 4-
القافلة
بينما كان ركب عربات الفلاحين ييمم الدرب شرقا، وكانت النسوة يغنين فرحات بالعمل و الأمل. قطع صهيل حصان مسرع أغانيهن ! . كان راكب الحصان معروفا لبعض الفلاحين فهو ابن أخ الحج محمد ( سري بيك) ! و هو رجل كثير الأنفة متغطرس ، و يخشاه الفلاحون.
ضرب بسوطه على الأرض فتوقف الموكب، ليصيح حسن الذي تقدم الموكب
– شرفت يا بيك
– رجعو مافي شغل
– ليش يا بيك ؟
– من السنة الماضية فهمتك انو بتمرو بالأول ع حوش البيك الكبير مشان سجل اسماءكن
– يا بيك نحنا كتار متل مانك شايف و هلق فيك تسجل تفضل
!! رجعو ع الدار الكبيرة يالله –
ثم ادار سري لجام حصانه، و عاد متباطئاً لينظر في حمولة الركب ، و عندما وصل الى العربة الأخيرة، توقف قليلاً ناظراً في عيني هيام محتاراً ، ثم اطلق العنان بمهمازه للحصان مسرعاً .
تجمع الرجال في حلقة حول حسن الذي كان أعرفهم بالحال ، و سألوه عما يجب فعله:
– هاد واحد خايس عمو اشرف منو ! و عمو رح يزعل لأن الحصيدة بلشت و هاد كلو تأخير بس عمو ما عندو ولاد ، ابيخلف و موكلو بالشغل .
– بيضرب الفلاحين يعني و الله بقتلو
– يا ريت بيضرب
– لكان  شو ؟
– روح قلبو النسوان و عينو بصباصة، سنة الماضية علق هو و ابو ادريس وصلت الدبكة بيناتين  للسما
قال شحادة :
– يا عمي أنا بدي ارجع ع الضيعة
!!  ولك حمود ربك انت ما عندك بنات
هنا فطن شحادة إلى نجاح فكرته في قص شعر ابنته ، فابتسم في داخله نصف ابتسامة، كان فرحا ممزوجا بالقلق .
أما حسن فقال :
مالنا غير نرجع و نروح ع بيت العباس ! هنن اقطاعية ببعضين و بيفهمو ع بعضين .. و أحمد العباس وجيهنا ، و بيحامي عنا .. منسالوا شو نسوي، لولاه سنة الماضية صارت جريمة .
انطلقت القافلة وراء عربة حسن الصالح الذي كان يعرف دروب حمص، مارا بشوارعها الضيقة و تلك التي بنيت خاج المدينة القديمة اي خارج الأبواب السبعة، حتى وصلوا إلى دار كبيرة ، هي دار آل العباس و هم من ملاك الأراضي العلويين في ذاك الزمان .
-5 –
انتهى الحج محمد من صلاته ، ثم وقف ينظر في وجه ابن أخيه نظرة تساؤل و قال :
-شو رجعك ليش مانك مع الحصادة ؟
– خليتن يرجعو هلق هني وراي
– ولك ليش خليتن يرجعو
– عمي سنة الماضية خربطنا بالدفع لأن ما سجلنا الأسماء، خليني سجل كل واحد و أعرف شو عم ادفع
– لك يا فهيم هالموسم بدي اقنع الفلاحين يضلوا بالأرض يزرعو مقتاي للشتوية بعد الحنطة ، و بدي ياهن يعملو بيوت لبن ! لك انتي ما بتفهم ؟ !
– إي و إزا شو داخل هاي بهاي
– إي دخل .. لأن رح اعطيهن من الموسم بدال العملة و الي بيقبل بدي حطو مرابع، يعني يضل بالأرض مشان ما تبور  … فهمت ؟
– إي هلق بيوصلو و بفهمن
– انتي رح تضل تعذبني و أنا بعرف نواياك
– شو قصدك يا بيك
– حل عني حل

– 6-
قرع حسن الصالح الباب الكبيرة وفتحت له الخادمة الباب فسألها :
– مرحبا ، أحمد بيك موجود؟ أنا حسن الصالح من بعرين
– البيك بالشام بس الست أم حسين موجودة
– ممكن حكيها ؟
– دقيقة
و غابت الخادمة بضع دقائق ثم أطلت سيدة أربعينية حسنة المظهر فأسرع حسن بالقول :
-السلام عليكم ست أم حسين بعتذر ع الإزعاج بس الموضوع أبيستنا
– أهلا و عليكم السلام تفضلوا
– مبتسماً نحنا كتار أفينا نتفضل كلنا
-( قاطعته مسرعة ) لا الكل بتتفضلوا و فتحت الباب على مصراعيه
أشار حسن بيده لركب القافلة التي بدا و كأنه كبيرها بأن يترجلوا ، و ترجل الجميع من عرباتهم حيث أفسحت النساء المقدمة للرجال، ثم دخلوا جميعاً إلى حوش الدار المزين بالريحان و جميع أنواع الورود .
-جوعانين ؟
– صاح الكل بصوت واحد : هلق فطرنا الله يديم بيت العز
– يا عفاف !! اعملي شاي ( نادت خادمتها )
– حاضر
بدأ حسن الحديث :
-ست أم حسين عرفت أنو الكبير بالشام الله ييسر أمرو بس حضرتك بتكفي و بتوفي ، بتتذكري سنة الماضية علقة بو إدريس مع البيك أيام الحصيدة، بدنا لو أذنتي تحكولنا مع الحج محمد مرة تانية ، لنشتغل بلا وجع راس .
– اساتو هالواطي ميعمل مشاكل ؟
– هلق رجعنا من الطريق
هنا صاح علي البيومي
-والله بقتلو
قالت أم حسين :
– لا تعصبوا و لا تنهموا كتير عمو الحجي أفي منو إنسان كتير منيح بس هايا سري بدو ترباي .
قال حسن :
-حضرتك بتعرفي أنو نحنا منحب الحماصنة و ليكي نصنا من ضيع حماة و البحر و جايين ع حمص نشتغل
– ما غلطتو

ملاحظة : أي تشابه او تطابق في الأسماء مع الواقع جاء بمحض الصدفة ، و الأحداث التي تجري صنعها الكاتب بناء على الواقع و محاكاة له ، إنما الأسماء لا تعني ابدا انها حقيقية .

يتبع