°
, December 6, 2024 in
آخر الأخبار
عيـســـى ابــراهـيـم

جواب لسؤال : هل هي ثورة ؟

أضع تعليقي هنا لسؤال دائماً أُسأله , وقد سألني إياه أخيراً صديقين مُحترمين وعزيزين الأول صديق سيّد مُعمم ,والثاني محام أستاذ وقد أشرت لصفتهما تلك ليُفهم السياق العام و لماذا أجبت بهذه الطريقة واستخدمت الأمثلة الواردة في تأكيد وتوضيح ما أردت في بيان موقفي , وهو سؤال أتعرّض له كثيراً حول كيف أُسمّي ما يجري في سوريا ثورة وهل هي ثورة وليس فيها برنامج فكري وقادة … وأن هناك خلط لدي في هذا الجانب من الموقف .. وأضع جوابي هنا والذي كان جواب لتعليق لصديقي حول بوست لي البارحة :

صديقي المحترم أستاذ علي : من تبعات الأيدولوجيا في سوريا أنها وصَمت المصطلحات المتعلقة بعلم الاجتماع والسياسة مثل : الوطن ،الوطنية ، القومية ،العروبة ….الخ وصمتها بتنميط تفاضلي أخلاقي ، ومن ضمن المصطلحات الموصومة بهذا التفاضل كلمة ثورة … فهي مصطلح المقصود منه أن مجتمع محتقن لعوامل موضوعية قام بردة فعل بسبب انعدام خيارات ملائمة تسمح له بحياة طبيعية بالحد الأدنى ، وهذا ما أعتقد أنه حصل بسوريا نتيجة انعدام كامل للحياة السياسية الطبيعية بسبب انقلابات عسكرية متتالية ” انقلاب هو مصطلح يعبر عن استيلاء العسكر على السلطة ولا يجوز البَتّة وفق علم الاجتماع اعتباره ثورة فهذه مصطلح أخر مختلف “أخرها انقلاب 1970 الذي ثبّت دحض الشرعية- القانونية الناتجة عن شرعية مجتمعية عبر صناديق الانتخاب وتداول السلطة ينسب مقبولة من الأخطاء الدستورية واستعاض عنها لتبرير حكمه بمفهوم ملتبس وغير حقيقي هو ” الشرعية الثورية ” بعد أن أصبغ صفة الثورة على الانقلاب العسكري وأعطاه اسم حركي ” الحركة التصحيحية المجيدة ” وهو أمر لا يُغيّر من الطبيعية غير الدستورية لقيام نظام الحكم القائم ، فغني عن البيان ،وأنتم أستاذ علي من المحامين المشهود لهم الكفاءة ، أن تسمية وثيقة غير مراعية لمعايير الفقه الدستوري كدستور الانقلاب ، تسميتها ب”دستور ” هو أمر مُضلل سواء من جهة عدم صحة آلية انبثاقها أو من جهة تمركز الصلاحيات كاملة بيد رأس السلطة التنفيذية وهو ما عبرت عنه سابقاً في أحد مؤتمرات الهيئة العامة لنقابة المحامين في عام 2000 ولا أعرف إن كُنتُم تذكرون ذلك ، عبرت عنه؛ بأنها أي وثيقة الدستور، تعليمات تنفيذية لصلاحيات أميرية …. وطبعاً الدستور كما تعرفون أستاذ علي هو المستند القانوني الأسمى لكل ما يجري في الدولة فإذا كان الدستور بهذا المستوى فلك أن تُخمّن تداعيات ذلك في الحياة العامة السورية سواء في الحزب الذي استولى على الدولة مع العسكر أو المنظمات ” الثورية ” التي استولت على المجتمع الأهلي وانعدام المجتمع المدني ….الخ وطبعا ً أود تذكيرك أن انقلاب 1970 لم يكن فيه مُفكر واحد … والغريب أستاذ علي أن موقف جدنا الحسين بن علي الذي قام ضد الحكم على خلفية سياسية بسبب نقض الاتفاق بين الامام الحسن ومعاوية حيث تخلّى الأول عن الحكم حقناً لدماء الناس ,على شرطين تم توقيعهما هما : أن يكون الحكم لاحقا ً شورى بين المسلمين ” التعبير المرادف للديموقراطية حينها ” وأن لا يُورَّث معاوية ” الحاكم ” حكم البلاد لابنه … وثار الحسين بعد نقض معاوية الشرطين وتولية ابنه يزيد وعلى خلفية سياسية لا دينية وهذا موقف حق يُحسب للإمام للحسين ، هو الموقف عينه الذي نعتز به كإرث حضاري متقدم منذ اكثر من ألف عام ونحن الآن لا نتفهم كأحفاد ضرورة قيام الدولة على شرطي اليموقراطية وتداول السلطة !!!!!! أما محاولة تحويل الثورة السورية الى صراع مصالح إقليمي ودولي بل واشعال حرب أهلية ولكل غايته من ذلك وعلى رأسهم النظام فهذا أمر لا يغير من طبيعة الموقف ،أ ما حول موقف المثقفين فغالبا ً المثقفون في هذا الشرق انتهازيون وتابعي سلطة ومال …وأعطيك مثالاً حول موقف بن خلدون وهو مؤسس ” علم الاجتماع ” موقفه في دمشق حيث كان حينها وحيث شجّع المغول !!!!وأما الثورة الفرنسية فأرجو اعادة قراءة ما جرى بها لأنه حتماً سيفاجئك سواء بمعرفة عدد نزلاء سجن الباستيل الذي أصبح رمز الظلم والتحرر من الطغيان وعدد نزلائه لم يتجاوز العشرة !!!! ,” قارن ذلك السجن بسجن تدمر مثلاً الذي دمرته داعش وحرمت السويين من أهم الرموز والأدلة المادية التي تبرز وحشية هذه السلطة غير الشرعية ” ، وكذا حجم الجرائم وقطع الرؤوس والقتل العشوائي والديني الذي رافق تلك الثورة الفرنسية…عمليات التغيير التاريخية يا محترم ليست بهذا النقاء الطوباوي في مخليتنا التاريخية منها أو المستقبلية … وكان الأولى بالأسد الابن أن يبادر آلى تقديم مشروع اصلاحي يحفظ البلاد بدلا ً من اعادة تكثيف صلاحياته بالدستور لحد غير مسبوق يشبه صلاحيات الآلهة … بل بعد خمس سنوات ليس لديه أي خطّة حتى لمؤيديه على مستوى الخدمات العادية فما بالك بمشروع سياسي يمنع استمرار سفك الدم السوري …. وأنتم ترون انهيار الليرة السورية وما زال ” سيد الوطن ” يأخذ المال عبر سيريتل كما النفط سابقاً ويضعه في حساباته في اوربا ، وأفراد الجيش لا يملكون راتباً يكفيهم بل تعويض وفاة أحدهم لا يعادل ثمن حذاء ” السيدة الاولى – وردة الصحراء ” لقد قلت تعبير مجامل ” أخذ ” ولم أقل تعبير قانوني ” سرق” … كما ” أخذ ” عمرنا وعمر أبناءنا ومن كل صوب … والكريم من عذر إطالتي الجواب يا محترم .