النمط السلوكي أحد مفردات الشخصية التي تتأثر بالوراثة والبيئة
الإيجابي يتصف بالواقعية والوسطية وينظر إلى الأشياء بموضوعية لا إفراط ولا تفريط
أحمد عباس الذهبي
تعد الشخصية من أكثر المفاهيم غموضًا بين الباحثين نظرًا لكثرة العوامل التي تدخل في تركيب الشخصية من وراثية وبيئية. ومع التسليم بهذا الغموض إلا أن كثيرًا من الباحثين يرون أن الشخصية هي الخصائص التي تميز الفرد عن غيره من الأفراد الآخرين من النواحي الجسمية والنفسية والخارجية. ويقصد بالخارجية هنا العوامل البيئية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها. وتبعًا لهذا التعريف فإن شخصيات الأفراد تختلف من فرد إلى آخر, وبالتالي تختلف سلوكياتهم من أقوال وأفعال وتعبيرات باختلاف تلك الشخصيات.
يعتبر النمط السلوكي أحد مفردات الشخصية، ويشير إلى الإطار العام الذي يتميز به الفرد عن غيره من الأفراد الآخرين من ناحية التكوين الجسمي والنفسي. حيث يرتبط ارتباطًا وثيقًا بسلوك الفرد وتصرفاته وتعبيراته من أقوال وأفعال وأي نشاطات أخرى يقوم بها سواء كانت لفظية أو غير لفظية، فنجد المنبسط والمنطوي والانفعالي والهادي والمتسلط والديمقراطي والمتعاون والكسول والأناني وغير ذلك.
ولا شك أن هناك عاملين أساسيين يؤثران تأثيرًا مباشرًا في تشكيل الشخصية لدى الفرد وهما: الوراثة والبيئة. فالوراثة تعمل على انتقال الصفات الوراثية (الجينات) عن طريق الأبوين إلى الأبناء سواء كانت جسمية أو نفسية أو عقلية. وينبغي أن يفهم أن هذا الانتقال يكون نسبيًا بين الأبناء وبتشكيل مختلف ومغاير في الغالب. ويوصف عامل الوراثة بأنه فطري ينشأ بإرادة الله سبحانه وتعالى ولم يؤثر عامل آخر في تشكيله.
أما البيئة فيقصد بها تأثير البيئة المحيطة بالفرد من النواحي الأسرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والجغرافية وغيرها. ويأتي تأثير الدين واللغة من أهم تأثيرات البيئة على الفرد. ويوصف عامل البيئة بأنه مكتسب أي أن البيئة الخارجية ساهمت في تشكيله إلى حد بعيد. ويختلف تأثير البيئة من شخص إلى آخر حسب البيئة التي يعيش فيها. فالذي يعيش في أوروبا مثلاً يختلف عن الذي يعيش في الشرق الأوسط مثلاً من حيث اللغة والدين والعادات والتقاليد والقيم وغيرها.
ومن المفردات الشائعة في موضوع الشخصية مصطلح الفروق الفردية بين الأفراد ويعني: الانحرافات الفردية عن متوسط الجماعة التي ينتمي إليها الفرد في أي صفة من الصفات سواء كانت جسمية أو عقلية أو نفسية، ولذا فإن وجود فروق فردية بين الناس أمر حتمي، لكن ينبغي عند المقارنة أن يكون الفرد في مجموعة متجانسة مع غيره، فلا يمكن أن نعقد مقارنة بين الصغير والكبير أو بين الطبيب والخفير أو غير ذلك، ولكن يمكن أن نعقد مقارنة بين مجموعة متجانسة كطلاب الصف الثالث في المرحلة الثانوية مثلاً.
وتجدر الإشارة إلى انفصام الشخصية من الأشياء المثيرة في الشخصية، وتدور حولها حكايات وحكايات خاصة في وسائل الإعلام في الأفلام والمسلسلات والروايات وغيرها، وتقدم هذا المفهوم وكأن الفرد له شخصيتين مزدوجتين تسيطر الأولى حينًا ثم تختفي لتظهر الأخرى حينًا آخر وهكذا. وهذا الفهم فهم خاطئ حيث إن انفصام الشخصية مرض يصيب الرجال والنساء على حد سواء من سن الخامسة عشرة حتى الثلاثين، ويصابون بالتوهم. ويعرف انفصام الشخصية على أنه (اضطراب نفسي عقلي شديد يتميز بتفكك في وظائف الشخصية والانسحاب من الواقع وعدم تناسق الوظائف النفسية مع اضطراب في التفكير والإدراك والمشاعر والإرادة).
وفي المجال التنظيمي فإن دراسة الشخصية تساعد في التعرف على الخصائص الذاتية للشخص، وفي اختيار الشخص المناسب للوظيفة المناسبة ومعرفة درجة النضج لدى الشخص المتقدم للعمل. كما تساعد في عملية توزيع الأعمال بين الأفراد حسب قدراتهم ومهاراتهم ومعرفة الظواهر التي تؤثر على الشخصية في بيئة العمل وغير ذلك.
وهناك عدد من مقاييس الشخصية منها: الاستبانات والمقابلة الشخصية والاختبارات الإسقاطية وغيرها. ولا شك أن مسألة قياس الشخصية مسألة مهمة يمكن بها استثمار القوى البشرية بشكل أفضل. وبالتالي تحقيق الأهداف التنظيمية المرسومة وزيادة الإنتاجية والإبداع والتطوير، حيث تولي الدول المتقدمة هذه المسألة عناية خاصة.
مكونات الشخصية:
1- العوامل الجسمية: كالطول والقصر والنحافة والبطانة ولون البشرة والعرق والجنس وغيرها. وتعتبر الخصائص الجسمية من الأشياء الظاهرة للعيان ونستطيع أن نميز بين الأفراد وننعتهم بها.
2- العوامل النفسية: وهي قوى غير ظاهرة، لكنها مؤثرة بشكل كبير على سلوكيات الأفراد كالدوافع والعواطف والانفعالات والذكاء والإدراك والتفكير وغيرها.
3- العوامل الخارجية: ويقصد بها جميع المؤثرات الخارجية في البيئة المحيطة بالفرد سواء كانت بيئة داخلية في المنزل أو في العمل أو العوامل البيئية الأخرى كالدين واللغة والعادات والتقاليد والتربية والتعليم والحالة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية وغيرها. كما تشمل تأثير وسائل الإعلام المختلفة المسموعة والمقروءة والمرئية.(انظر الشكل).
أنواع الشخصيات
هناك أنواع عديدة من الشخصيات تطرق لها كثير من الدارسين بالبحث والدراسة والتحليل. وتنفرد كل شخصية منها بصفات تميزها عن غيرها. ويلاحظ على كل نوع من هذه الشخصيات أن معظم السلوكيات التي تصدر عنها تكون متوافقة مع هذه الشخصية من حيث الدلالة والتأثير. ونستعرض بعضًا منها على النحو التالي:
1- الشخصية الإيجابية:
يغلب على هذه الشخصية طابع التفاؤل، وتتسم صفاتها بالواقعية والوسطية، وتنظر إلى الأشياء نظرة موضوعية لا إفراط ولا تفريط حيث تعرف مالها وما عليها، وتحترم نفسها وتحترم الآخرين أيضًا، وتقيم الأشياء بطريقة صحيحة، وتعمل على الوصول إلى أهدافها بالطرق المشروعة. كما تتصف بالحكمة والصبر وطول البال ولا ترتكب أخطاء مشينة أو قاتلة، ويحكمها العقل والتعقل ورباطة الجأش، وتتعامل مع ذاتها والذات الاجتماعية بشيء من التوازن. ومن خصائص هذه الشخصية أيضًا أنها منفتحة على الحياة ومقبلة عليها ومتكيفة مع المواقف الجديدة وتسمو بنفسها عن المواطن السيئة والمشبوهة. ولا تتردد في السعي إلى تحقيق النجاح عن طريق الجودة في الأداء والتميز في الإنتاجية.
2- الشخصية السلبية:
لا يختلف اثنان بأن الشخصية السلبية تتعارض وتتقاطع مع الشخصية الإيجابية. فلو نظرنا إلى الشخصية الإيجابية لوجدناها شخصية سوية ويرغب كل فرد سوي أن يكون كذلك. أما الشخصية السلبية فلا تحمل إلا معاني التشكي والكسل واليأس والانهزامية والفشل. ولا شك أن النظرة التشاؤمية لهذه الشخصية هي الصفة السائدة على معظم سلوكياتها وتصرفاتها وعلاقاتها. فترى صاحبها يقلل من نجاح الآخرين ويقلل من شأنهم. كما أنه مولع إلى حد النخاع بالتبريرات الواهية والأعذار البالية، ويجعلها ملاذًا آمنًا لضعف أدائه وقلة إنتاجيته. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الشخصية لا تسهم مساهمة تذكر في تطوير المجتمع أو المشاركة في فعالياته، وبالتالي فإن تأثيرها على المستوى الاجتماعي مفقود وتأثرها محدود.
3- الشخصية الجذابة:
يرجع أصل الشخصية الجذابة (الكاريزما) إلى أصل إغريقي، وتعني موهبة أو منحة من الله. وجاذبية هذه الشخصية تنبع من الداخل وليس من الخارج. وتشير إلى الجاذبية الكبيرة والحضور الفعال والقوي الذي يتمتع به الشخص. ومن أهم الصفات التي يتمتع بها الجذاب أو (الكاريزمي): الأخلاق العالية والتواضع الجم والابتسامة العريضة والتفاؤل الحسن والهدوء المتزن والإصغاء الجيد وإتقان فن الكلام والعناية بالمظهر والاهتمام بالآخرين. ولا شك أن الشخصية الجذابة تحظى باحترام وحب الناس لأنها تركز في تعاملها مع الآخرين على الجوانب الإيجابية لديهم، ولا تتعرض للجوانب السلبية لهم، وبالتالي لا تجرح مشاعرهم أو تخدش أحاسيسهم. ومن الخصائص التي تنفرد بها الشخصية الجذابة أنها تستطيع أن تتعامل مع جميع أنواع الشخصيات والأنماط السلوكية وتؤثر فيهم ويقبلون عليها وكأنها قاسم مشترك بين الجميع.
4- الشخصية النرجسية:
يرجع أصل الشخصية النرجسية إلى أسطورة يونانية مفادها باختصار أن شابًا وسيما أعجب بشكله أيما إعجاب، فأخذ ينظر إلى صورة وجهه المنعكسة على سطع البحيرة لفترات طويلة، ومع مرور الوقت أصيب بمرض حب الذات فقز في البحيرة ليمسك صورة وجهه فغرق ومات، ثم نبتت على ضفاف هذه البحيرة شجيرات النرجس المعروفة. وتعني الشخصية النرجسية حب الذات والشعور بالعظمة والتميز عن الآخرين. وهناك فرق بين النرجسي والأناني, وهو أن النرجسي يحب الأشياء لقربها من ذاته, أما الأناني فيحب الأشياء لقيمتها. ويعتقد صاحب هذه الشخصية أن مستواه يفوق مستوى الآخرين, وأنه محصن عن النقد, وأن الناس مشغوفون به ويتابعون أخباره فتراه يهتم بمظهره ومقتنياته. ويتصف النرجسي بأنه وصولي, ولا يتورع عن تحقيق أهدافه عن طريق التسلق على أكتاف الآخرين. ومع أن النرجسي يعاني من مرض نفسي إلا أنه لا يعرف ذلك, ولا يعترف به, وذلك مكمن الخطورة.
5- الشخصية المزاجية:
أخذ مسمى هذه الشخصية من المزج والخلط بين الأشياء. ويشير إلى التقلب وعدم الثبات على حالة معينة. فهو كحالة الطقس في البلاد الصحراوية, حيث تجد أحيانًا أول النهار حارًا وآخره باردًا، أو أوله ساكنًا وآخره عاصفًا وهكذا. وتتسم الشخصية المزاجية بعدم القدرة على التحكم والسيطرة على انفعالاتها الإيجابية والسلبية بدرجة كبيرة. فتارة تكون أفعالها وتصرفاتها وتعبيراتها مثالية وتارة أخرى تكون هذه الأفعال والتصرفات والتعبيرات متناقضة مع السابق إلى حد بعيد حتى وإن كانت الموضوعات واحدة ولم تتغير. والسبب في ذلك يرجع إلى تغير الحالة المزاجية للشخص ليس إلا. وتلعب العاطفة والانفعال في هذه الشخصية الدور الكبير في تكوينها وتشكيلها كأحدى من الشخصيات المثيرة للجدل. وتجدر الإشارة إلى أن كثيرًا من المتعاملين مع هذه الشخصية يتحرون الوقت المناسب عندما يكون المزاج رائقا للتحدث معها في أمور معينة.
6- الشخصية الحساسة:
تعتبر الشخصية الحساسة من الشخصيات التي تعاني من الضغوط النفسية. ويرجع السبب في ذلك إلى كونها تفسر الأشياء بطريقة مبالغ فيها، وتحمل الأشياء أكثر مما تحتمل، وتعطي المواقف أكثر مما تستحق. وتتصف هذه الشخصية بأنها تشك في الأقوال والأفعال التي تصدر من الآخرين، بل تسيئ الظن بهم أحيانًا. ومن أهم صفاتها وجود حساسية مفرطة لديها تجاه النقد واللوم والتجاهل يتسبب في ألم نفسي داخلي، ويثير لها كثيرًا من المشكلات مع الآخرين. ولذلك تعمد إلى العزلة والانطواء والخلوة مع النفس، وتتجنب حضور المناسبات الاجتماعية. وقد دلت الدراسات النفسية أن الشخصية الحساسة تملك من القدرات والمهارات ما يجعلها تحقق النجاح والتميز، ولكن وجود هذه الحساسية المفرطة تجعلها لا تتكيف مع الواقع الذي تعيشه، وبالتالي تحول بينها وبين تحقيق كثير من الغايات والأهداف.
7- الشخصية القيادية:
تتميز الشخصية القيادية بقوة الشخصية وعلو الهمة وقوة التأثير. كما تتميز بالقدرة على حل المشكلات والإقناع وسرعة اتخاذ القرارات. ويمتلك القيادي ذكاء اجتماعيًا متقدًا وحضورًا فكريًا لافتًا. ويحرك هذه الشخصية الطموح والرغبة في الإنجاز وتحقيق الأهداف. ويمكن أن نقول عن صفة القيادة لدى القيادي بأنها فطرية وغير مكتسبة بالرغم من أهمية التدريب والممارسة والتجربة لجميع الشخصيات. وللقيادي أنماط متعددة ومن أهمها: النمط التسلطي والنمط الديمقراطي والنمط الحر. وتتصف سلوكيات الشخصية القيادية بالحكمة وضبط الانفعالات والتروي مما يجعلها تسير وفق خط واضح وتصور مسبق وترتيب مستمر. ومن اللافت أن هذه الشخصية تكاد تكون خالية من العيوب والنواقص من النواحي الجسمية والنفسية والاجتماعية بحيث يكاد يجمع عليها الآخرون بأنها شخصية محترمة.
8- الشخصية المضطربة:
تعاني الشخصية المضطربة من صعوبة في التكيف والتعايش والتوافق مع أفراد المجتمع سواء في الإحساس أو في التفكير أو في السلوك. وتبدأ علامات الاضطراب منذ نهاية فترة الطفولة حتى بداية مرحلة النضج. ويستمر اضطراب الشخصية ملازمًا للفرد مدى الحياة. ويظهر الاضطراب في مجالات مختلفة كالإدراك والتأثير والسيطرة على العواطف والانفعالات وإقامة العلاقات مع الآخرين. وتجدر الإشارة إلى أن المضطرب لا يعرف أنه مصاب بهذا الداء، ولكنه ينسب ذلك إلى الآخرين أو إلى ظروف الحياة المختلفة. كما أنه يغضب ويثور إذا نصح بأن يراجع طبيبًا نفسيًا لاعتقاده بأنه سليم معافى. ويتصف المضطرب بعدم المرونة والميل إلى الوحدة وعدم القدرة على إعطاء استجابات مناسبة لمتطلبات الحياة المتغيرة. كما يحدث تصادم بينه وبين القيم الاجتماعية مما يتسبب في سلوكه سلوكيات متهورة أو غير مسؤولة. وعادة ما يعمد المضطرب إلى إلحاق الأذى بنفسه واللجوء إلى شرب المسكرات والإدمان على المخدرات. وبالتالي يكون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض النفسية كالقلق والكآبة والأمراض العقلية.
9- الشخصية السيكوباتية:
تعني كلمة (سيكوباتي) شخص مصاب بداء معين. ويشير علماء النفس إلى أن السيكوباتي مريض نفسيًا ومعتل عقليًا ويتسم بالنشاط المعادي للمجتمع. وتسيطر على هذه الشخصية صفتا العدوانية وحب السيطرة. ويتصف سلوكه بالانحراف عن السلوك السوي والخروج عن قيم ومثل وقواعد المجتمع. ويفتقد سلوكه إلى التخطيط المستقبلي ويظهر فجائيًا دون سابق إنذار. والسيكوباتي شخص منعدم الضمير وكذاب ومخادع ولا يقيم للقيم الدينية والاجتماعية وزنًا، ويعتبر أخطر الشخصيات على المجتمع، وينتسب كثير من المجرمين إلى هذه الشخصية. والجدير بالذكر أن السيكوباتي شاذ في سلوكه فهو عند تنفيذ الجريمة لا ينفذها بدافع الحاجة بل بدافع اللذة ليس إلا، فقد يسرق وهو ليس في حاجة إلى المال، ويغتصب بقصد إيذاء الآخرين. وكثيرًا ما يقع السيكوباتيون في قبضة رجال الأمن ويحالون إلى القضاء ويحكم عليهم أحكامًا تطول أو تقصر حسب جرائمهم ولكنهم في الغالب يعودون مرة أخرى إلى السجون حتى يصبحوا من نزلائه المعروفين.
العادات السبع للشخصيات الناجحة
قام الدكتور ستيفن كوفي بدراسة مستفيضة لأكثر من 200 شخصية ناجحة حول العالم خاصة في أمريكا وأوربا في حقبة تاريخية امتدت إلى 200 سنة. وتوصل إلى أن هناك سبع عادات تكررت لدى كل أو معظم هؤلاء الناجحين. وقد نشر هذه الدراسة في كتاب سنة 1989م وترجم إلى أكثر من (30) لغة، مع العلم بأنه درس حياة بعض الرسل مثل محمد وعيسى وموسى عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم.
وقد قسم كوفي هذه العادات السبع إلى ثلاث مراحل هي: مرحلة الاعتماد على الآخرين وتشمل العادات الثلاث الأولى وتحقق النصر الشخصي. ومرحلة الاعتماد على الذات وتشمل العادات الرابعة والخامسة والسادسة وتحقق النصر الجماعي. ومرحلة التعاضد مع الآخرين وتشمل العادة السابعة وتحقق إيجاد آلية مناسبة لتحريك وتفعيل هذه العادات. أما العادات السبع للأشخاص الأكثر فعالية فهي:
العادة الأولى: كن مبادرًا: تعتبر المبادرة من أهم السلوكيات الإنسانية، فهي بمثابة استباق الأحداث أو صنع الأحداث نفسها. فالفرد يجب أن يكون سباقًا إلى فعل الأشياء، ولا ينتظر طويلاً وتكون أفعاله ردود أفعال ليس إلا. وينبغي ألا يتوقع أن تأتي إليه الفرص وتطرق باب منزله يومًا من الأيام، فإن فعل هذا فإن ذلك يعتبر من مضيعات وقته الثمين.
العادة الثانية : ابدأ والمنال في ذهنك: لكل بداية نهاية، ومسافة مائة ميل تبدأ بخطوة واحدة. إن كثيرًا من الناس يتأخر في البدء في عمل الأشياء بل يخلق الأعذار الواهية ويسوف مرة تلو الأخرى لأنه لم يجعل هدفه أمام ناظريه حتى يفوت الوقت المناسب ثم يتركه. والسبب في ذلك في الغالب نفسي حيث إن بعض الناس يتخوف من النتائج أو يخشى الفشل أو غير ذلك.
العادة الثالثة: ابدأ بالأهم قبل المهم: ترتيب الأولويات من الأمور المهمة في حياة الإنسان. ولا شك أن لدى الإنسان أمورًا مهمة وعاجلة، ومهمة وغير عاجلة، وعاجلة وغير مهمة، وغير مهمة وغير عاجلة. فالأولى أن يبدأ الإنسان بالأمور المهمة والعاجلة حيث إنها الأهم، ثم يأتي على الأمور التي تليها وهكذا. أما الأمور غير المهمة وغير العاجلة فالأولى التخلص منها وعدم الالتفات لها.
العادة الرابعة: فكر بالمنفعة للجميع: المجال يسع الجميع ويجب أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك. وينبغي أن تبتعد عن الحسد والغيرة والمنافسة غير الشريفة. كما يجب ألا يفوتك أن الناس يعملون بجد وإخلاص إذا كان لهم منفعة مباشرة من العمل الذي يؤدونه. ولا تنس أن القرآن الكريم رغب في إعطاء الأقربين من الميراث إذا حضروا القسمة حتى وإن لم يكونوا من الورثة.
العادة الخامسة: افهم قبل أن تفهم: يجب على الفرد أن يفهم الناس قبل أن يطالبهم بفهم نفسه. ويحدث فهم الآخرين عن طريق الإصغاء الجيد لآرائهم وأفكارهم ورغباتهم. وهناك مهارات للإصغاء والاتصال تساعد في فهم الآخرين وتؤدي إلى كسبهم وتوثيق العلاقة معهم وتعمل على ترسيخ مبدأ الثقة المتبادلة مع جميع الأطراف. وينبغي أن تتذكر أن الناس مختلفون في شخصياتهم وسلوكياتهم.العادة السادسة: تكاتف مع الآخرين: العمل مع الجماعة له قواعد وأصول ومبادئ. وينبغي أن تعرف أن الجماعة كل والفرد جزء، وحتى يتحقق التناغم بين الأجزاء يجب أن يكون هناك تعاون وثقة واحترام متبادل بين الجميع. والعمل الجماعي له نتائج إيجابية كبيرة على جميع الأفراد لأن عمل المجوعات الأكبر يستفيد منه الفرد الأوحد.
العادة السابعة: اشحذ المنشار: بعد تحقيق الهدف فإن الدوافع تضعف، وبالتالي تحتاج إلى محفزات. ولذلك يجب أن تفكر بآلية مناسبة لاستمرارك في تحقيق الأهداف. ويجب أن تعمل على تجديد قوتك ومقدرتك عن طريق الأبعاد الأربعة للذات الإنسانية : الجسم والعقل والروح والعاطفة المتمثلة في القراءة والتدريب والرياضة وتنمية الروح والعقل والتواصل المستمر والفعال مع المجتمع.
نظريات الشخصية
قام عدد من العلماء والباحثين في مجالات علم النفس والاجتماع والسلوك بدراسة الشخصية دراسة مستفيضة، حيث قدموا رؤى مختلفة لتفسير الشخصية والتعرف على خفاياها وأسرارها، وتجدر الإشارة إلى أن هذه النظريات مختلفة في التفسير والتحليل، حيث ركزت كل نظرية على جانب من جوانب الشخصية حسب منظور شخصي من صاحب النظرية. ونشير إلى أهم هذه النظريات باختصار كما يلي:
– نظرية السمات:
رائد هذه النظرية جوردون ألبورت وتوصل إلى ثلاثة أنواع من السمات:
– السمات الرئيسية: سمات مسيطرة على بؤرة سلوك الشخص ويمكن ملاحظتها.
– السمات المركزية: سمات أساسية في الشخص تميزه عن غيره.
– السمات الثانوية: لا تؤثر في تحديد شخصية الفرد ونمط سلوكه.
– نظرية الذات:
رائد هذه النظرية إريك فروم ويرى أن الذات تنقسم إلى قسمين:
– ذات شخصية: رؤية الشخص تصرفاته وأفعاله داخل المجتمع الذي يعيش فيه وأثر هذه التصرفات على المجتمع.
– ذات اجتماعية: رؤية أفراد المجتمع هذه التصرفات والأحكام التي يصدرونها عليه.
– نظرية الأنماط:
رائد هذه النظرية العالم كارل جونج، ويرى أن الشخصية تحتوي على نمطين أساسيين هما:
– النمط المنبسط والنمط المنطوي.
– قسم كارل أنماط الشخصية على أساس الوظائف السيكلوجية للشخصية وهي التفكير والوجدان والحس والحدس.
– بعد التقسيم يصبح عدد أنماط المنبسط أربعة هي: منبسط مفكر، ومنبسط وجداني، ومنبسط حسي، ومنبسط حدسي. كما يصبح عدد أنماط المنطوي أربعة أيضًا وهي: منطوي مفكر، ومنطوي وجداني، ومنطوي حسي، ومنطوي حدسي.
– نظرية فرويد في التحليل النفسي:
رائد هذه النظرية العالم سيجموند فرويد، ويرى أن الجهاز النفسي يتكون من ثلاثة أجزاء هي:
– الذات الدنيا: أساس السلوك الغريزي والشهواني والعدواني والبدائي وتسير السلوك وفقا لمبدأ اللذة.
– الذات الوسطى: تسير السلوك وفقًا للمنطق العقلي ولمطالب المجتمع وتسعى للتوفيق بين مطالب الذات الدنيا والذات العليا.- الذات العليا: مستودع القيم والمثل العليا والعادات والتقاليد وتسعى بسمو سلوك الإنسان.
إن الشخصية موضوع يتسم بالغموض وعدم الوضوح بالرغم من كثرة الدراسات والبحوث والمقــــــــالات في هذا المجال. وقد أشار الفيلسوف اليوناني سقراط إلى هذا الغموض حيث قال: +الذي أعرفه عن نفسي أنني لا أعرف عنها شيئًا؛. وقد يكون هذا الغموض أحد أسباب كثرة الدراسات والبحوث في مجال الشخصية من قبل الباحثين والدارسين .
المصدر :