°
, December 9, 2024 in
آخر الأخبار
قضايا

هل تتعلم المعارضة السورية من أخطائها وتشكل حزبًا موحدًا؟ ديميتري بريجع

منذ بداية الثورة السورية عندما خرج الناس إلى الشوارع كان مطلبهم الوحيد هي الحرية، وتغيير نظام الحكم، ومع تحول الثورة من سلمية إلى مسلحة أصبح الوضع أكثر تعقيدًا في سوريا، ولا سيما بظهور أطراف خارجية حاولت استغلال الوضع في سوريا من أجل مصالحها الخاصة منها روسيا، تركيا والولايات المتحدة.

ما نراه حاليًا في سوريا من دمار هو بسبب كل الأطراف التي دخلت في الصراع السوري مع أنه أكثر من شارك في تدمير سوريا هو النظام السوري وروسيا، ولكن المعارضة السورية المسلحة والسياسية ارتكبت آلاف الأخطاء بسبب أولًا تعاونها في بعض الأحيان مع الإسلاميين المسلحين، ومنهم الذين جاءوا من مناطق القوقاز الشمالي في روسيا وبلدان اجنبية أخرى، وثانيًا تواجد الكثير من الشخصيات داخل المعارضة التي كانت تعمل لصالح النظام السوري، وحتى كانت تستلم رواتب من النظام السوري، بوتين فعلًا استفاد من تواجد الإسلاميين في سوريا، وكان طرفًا في دعمهم بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة، ونحن نعرف جيدًا بأن روسيا بلد استخباراتي، وليس من السهل لهذا الكم الكبير من الأشخاص الذين سافروا إلى سوريا أن يعبروا الحدود بسهولة بدون أن تراقب المخابرات الروسية أجهزة هواتفهم أو تحركاتهم.

المعارضة السورية مشكلتها الأساسية تكمن بأنه ليس لديها بنية موحدة أو مشروع واحد لمستقبل سوريا، وأيضًا ليس لديها مشروع قد تهتم روسيا فيه، روسيا عندما دخلت سوريا مهمتها الأساسية كانت إتمام صفقة بيع أسلحة مع الأطراف المتحاربة، وتجربة السلاح لأن ساحة الحرب السورية هي مكان ممتاز لتجربة الأسلحة المختلفة، أيضًا لا نستطيع أن ننسى بأن الحرب السورية كانت تساعد على رفع شهرة بوتين في روسيا فعندما دخلت روسيا الحرب في سوريا الإعلام الروسي كان ينشر بروباجندا عن بطولات بوتين في سوريا وعن خطر «داعش» على روسيا وعلاقتها بالمعارضة؛ مما ساعد بوتين في جمع أنصار ومتطوعين كثر داخل روسيا للحرب في سوريا، وإظهار أن المعارضة السورية هي معارضة إسلامية متطرفة.

المعارضة السورية من جهتها ارتكبت خطأً كبيرًا عندما اتفقت مع روسيا لعمل هدنة في الكثير من المناطق السورية، فالمهمة الأساسية للهدنة في مناطق المعارضة هي تجهيز النظام السوري للهجوم على هذه المناطق ودراسة نقاط تمركز المعارضة المسلحة، النظام الروسي استخدموا أسوأ أساليب الدبلوماسية بالخداع، وتزوير الحقائق، وهذا فعلًا ما تتقنه روسيا منذ استلام بوتين الحكم.

ماذا يجب أن تفعل المعارضة السورية بكل أطيافها حاليًا؟ أولًا عليهم تشكيل جسم موحد يكون فيه أغلب الأحزاب، وثانيًا عليهم الفهم بأن مكيدة كبيرة قادمة من روسيا حاليًا، وهي الانتخابات الرئاسية في سوريا عام 2021، روسيا تجهز من الآن لشخصية معينة التي سوف تستلم الدور بعد بشار الأسد، أو من المحتمل أن يبقى بشار الأسد مع عمل بعض التعديلات في أجهزة الأمن والبرلمان السوري والسياسة الخارجية للنظام السوري، ولكن روسيا تفهم بأن بقاء الأسد يعني عدم وصول أموال من البلدان الأجنبية لإعادة إعمار سوريا، وهذا يعني أن روسيا يجب أن تدفع هذه الأموال لسوريا، ولكن روسيا لن تفعل هذا الشيء؛ لأن روسيا تعاني حاليًا من مشاكل اقتصادية كبيرة، وهذا يعني أن يبقى الاحتمال الأول، وهو وضع شخصية أخرى كبديل لبشار الأسد، لذلك على المعارضة السورية تجهيز شخصية واحدة تستطيع أن تكون بديلة لبشار الأسد مع المحاولة في إيجاد مشروع قد تهتم به روسيا.

المعارضة السورية يجب أن تقبل بأن روسيا لن ترحل من سوريا، ولن تترك القواعد العسكرية ومواجهة روسيا عسكريًا لن ينفع أحدًا، وسوف يعاني من هذا الشيء الشعب السوري، وحتى الأساليب الدبلوماسية لن تنجح أيضًا، موسكو تريد صفقات بيع أسلحة أو اتفاقيات يرضى بها رجال الأعمال الذين يدعمون الحرب في سوريا من طباخ بوتين سيرغي بريغوجين إلى شخصيات أخرى مقربة بوتين، ويجب الفهم بأن من يقود الحرب في سوريا ليس بوتين فقط، بل شركاؤه في المنطقة، إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، ومع أنهم يقولون إنهم لا يتعاونون، ولكن الحقائق تقول عكس ذلك، أجهزة المخابرات الروسية استطاعت منذ بداية الثورة السورية اختراق المعارضة السورية وهي تعرف كل تحركات المعارضة السورية بسبب وجود شخصيات كثيرة داخل المعارضة تعمل للنظام السوري وترسل كل المعلومات إلى قاعدة حميم، وعلى المعارضة السورية فهم هذا الشيء، وأي تحرك تفعلها المعارضة يعرفه الكرملين بعد ساعات.

حاليًا بوتين بعد أن نجح في تعديل الدستور الروسي يمكن أن يصعد الوضع في الشمال السوري، وخصوصًا بعد تحويل متحف أيا صوفيا إلى مسجد رسميًا، الساسة الروس سوف يضغطون على بوتين لكي يصعد الوضع ضد تركيا والمعارضة السورية وأيضًا بوتين يجهز الوضع من أجل مسرحية الانتخابات الرئاسية في سوريا لذلك، فمن المهم عليه سيطرة على عدد كبير من أراضي المعارضة السورية لكي يستطيع أن يأخذ صوت عدد كبير من الناس، ولكي يظهر للعالم بأن يوجد دعم للعملية الانتخابية لذلك فمن المحتمل أن تحدث الكثير من التغييرات في الساحة السورية، وليس من الغريب أن تستخدم موسكو أساليب قمعية واستبدادية في سوريا فهي تستخدم نفس الأساليب ضد شعبها في روسيا؛ لأن بوتين وأصدقائه يطمعون في السطلة، وهذا الأفكار تحولهم من صفة بشر إلى صفة وحوش .

المصدر :

ساسة بوست

https://www.sasapost.com/opinion/syrian-opposition-united-party/