°
, March 19, 2024 in
آخر الأخبار
عيـســـى ابــراهـيـم

( الميثاق الوطني ) التاريخي المؤسس للدولة السوريّة الحالية .

لم يعد ممكناً واقعياً ومصلحياً استمرار العمل ب” الميثاق الوطني ” المؤسس للدولة السورية الحالية ، الذي بدأت ملامح تشكّله في بداية الثلاثينات من القرن الماضي إثر تنازع بين القوتين المؤثرتين في نشوء الدولة السورية الأولى ، وهما التيار الهاشمي والتيار السعودي – الوهابي ، وبعد تراجع عدة شخصيات سوريّة مؤثرة من ” الكتلة الوطنية ” المؤسسة في منتصف العشرينيات تقريباً ، تراجعها عن مرجعية المؤتمر السوري الأول ودواع تشكّل ” الكتلة الوطنية ” المستندة على المرجعية الهاشمية ، لمصلحة المرجعية السعودية – الوهابية ، التي هي أحد المرتكزات البريطانية في إدارة صراع المصالح الدولية في المنطقة ، ولعل أول فارقة ملفتة في تشكّل ” الميثاق الوطني ” هي توقيع أنصار إستقلال ( حكومة اللاذقية ) وهم من عدة طوائف وإثنيات خلافاً لما يتم تداوله وترويجه بل إن أغلب فعاليات “حكومة اللاذقية” كانوا سنة ! … هو توقيعهم المفاجيء على وثيقة الوحدة السورية المرسلة للوفد السوري المفاوض في 1936، وكذلك تشكل ملامح قانونية واضحة بهذا الاتجاه إبتداءاً من بداية الخمسينات ومن ثم فترة المخاض في نهاية الخمسينات وبداية الستينات حيث استقر بشكل شبه كامل … ارتكز هذا الميثاق على ثلاث قوى فاعلة الجيش-الأمن خاصة في الجبل والساحل السوري ، الاقتصاد-التجار ، الطبقة الدينية ، خاصة في دمشق . حيث شخصيات محددة في كل من الكتل الثلاثة تشكل الدولة العميقة للدولة السورية الحالية ، ولهذا الميثاق ، الذي كان ذَا طبيعة وقائية حين البدء به ولم يعد لها ما يبررها الآن حسب زعمي ، على فرض صحته إبتداءً … له تمظهرات يُعبّر عنها شعبوياً ب” عَلْوَنْة ” الدولة عبر “عَلْوَنْة” الجيش والأمن وكل تداعيات ذلك بالحياة العامة  السوريّة ،خاصة السياسية ….
. و ” تسنين ” الدولة بما فيها تسنين الطائفة العلوية ،عبر تسنين المناهج التعليمية والسردية الرسمية للدولة في النظرة التاريخية ورؤية المجتمع ومستقبل سوريا…
وصولاً الى تداخل لاحق بين الجيش-الأمن والاقتصاد-التجارة خاصة على الأقل إبتداءً من ثروة باسل الأسد الى ثروة الأسد الابن -رامي مخلوف ….كمثال موضّح .
ركائز سردية الميثاق الوطني السوري المؤسس للدولة السورية وقوعداه الداعمة ، هي مؤسسة الجيش – الأمن ، غرفة  التجارة  والصناعة السورية خاصة بعمقها غرفة تجارة  وصناعة دمشق ، وزارة الأوقاف والطبقة الدينية من رجال الإكليروس السني ، خاصة دمشق ….
هذه الصيغة لم تعد ممكناً لإسباب مصلحية و واقعية من ضمنها الشعور بالمظلومية من كل طرف تنسب له إثنياً أو دينياً أحد أعمدة الميثاق الثلاثة ، بما يخص سيطرة الجيش- الأمن وشعور السنة خاصة بالغبن التاريخي ، والسيطرة الاقتصادية والسردية المعرفية العامة للسوريين ، وشعور العلويين خاصة بمحي هويتهم الحضارية كاملة …
لذلك أزعم بوجود تحدّ مُهم للنخبة  السياسية السورية الحالية، التي لديها هاجس بناء دولة ، تحدّ في كيفية التأسيس لميثاق وطني جديد مؤسس لسردية جديدة تعتمد مفهوم المواطنة ، حيث الفرد ، لا الجماعة الاثنية أو الدينية ، هو الركن الأساس ، وهو محل الحق والواجب القانوني ، وبخدمته كافة تجلّيات الحقوق القانونية من الحق في التعبير والاعتقاد والانتخاب والتصويت وفرصة العمل والضمان الاجتماعي والصحي ….