°
, March 19, 2024 in
آخر الأخبار
تفاصيل

حدث معي في مثل هذا اليوم أهم حدث في حياتي – نصر داهود سعيد .

نتسامح دون نسيان لهذا اليوم الرهيب ؛ ففي تاريخ ( 31\آب \1980) وبعد منتصف الليل أيقظتني قبضةُ مسدّس نكلتْ رأسي من أمين شعبة حزب البعث بالحفة (خالد الخطيب) وما أن استيقظت مرعوباً من هول المشهد! حتى رأيت فُوّهَات البنادق تحيط كل زاوية من بيتنا ، قيّدوني فورا وبدأوا بتفتيش البيت ؛صادروا الكتب والرسائل الخاصة وبقايا راتبي يومها (650) ليرة سورية من درج تلك الطاولة التي خلعوها ، انقضّتْ أمي رحمها الله على صدر ذلك الملثّم وقالت له؛ عرفتك انت فلان …..! طمّشوني واخرجوني محاطا برجحلين يكمش كل واحد زراعا ..! أسرعوا بالسيارة. وأوهموني انهم ذاهبون لدمشق ، لكن حواسي وخبرتي بالطريق كنت اتخيل الطريق وتعرّجاتها وتيقنت انني فرقت باتجاه طرجانو على مشارف مدينة الحفّه ، أوصلوني إلى الحفة وأدخلوني إلى تلك الساحة الصغيرة عند المركز الثقافي القديم ، صعدت ثلاث درجات الى كريدور توجهوا لليسار ثم أنزلوني تحت الأرض على اليمين سمعت خرير الماء من تواليت هناك وامام ذلك التواليت بدا اصعب يوم في حياتي! وبدأ التعذيب الشديد وضعوني بدولاب وللأسف كان صغيرا كسر ظهري، وبالعصي والكرابيج انهالوا عليي، حتى ملأ صراخي مدينة الحفة …كان سؤالهم ، أنت معارض ومن معك ؟؟؟ ومن قام بتوزيع المناشير ؟؟ أنهكوا جسدي لا اصدق الآن كيف تحملت همجيتهم! لم تضعف إرادتي التي أيقنت فيها إن موقفي من الشحن الطائفي والاقتتال الذي جاء إثر مقتل الشيخ يوسف صارم والمحامي برهان عطور رحمهما الله ليس من مصلحة بلادنا وعلينا الانتباه لمخاطره .
…اعادوني في منتصف اليوم الثالث ورموني في ساحة القرية جثة هامدة لا أقدر على الحركة مبللاً بالدم والتّورم ملأ جسمي وتركوني مطمّش بقيت حتى الرابعة صباحا ! عندما شاهدني الفلاح أبو أحمد عيسى. (رحمه الله )وهو ذاهب لإطعام بقراته ، اندهش وارتعب… ثم قال لي : سلامتك ، وقل ياالله وقرفصَ على ركبتيه وحملني على ظهره إلى بيتنا ، سمعتْ والدتي، لم تتجرأ على فتح الباب. ( رحمها الله ) وبعد أن عرفت أنّني أنا ،شاهدت أمي هذا المشهد ،أخذت بالصراخ حتى اجتمعت القرية عن بكرة أبيها وحينها (تسللت خطيبتي بينهم وسرقت تلك الطميشة المرميّة على عتبة البيت! لأراها لاحقاً تحفة في بيتنا ) وهكذا بدأ بكاء الناس مع الخوف الذي ضبع قريتنا حتى اليوم من فظاعة المشهد
اما بالنسبة لي فكانت أهم القرارات بحياتي .
.- قراري أنني سأصبح معارضاً وسأتعرف على الأحزاب وانخرط بها وهكذا تابعت حياتي… واعتقلت بعد سبع سنوات من هذه الحادثة ل
مدة 12 سنة في صيدنايا ، وخلصت لقاعدة تقول التعذيب لايغيّر العقول..والحوار هو الطريق الصحيح لمشاكلنا .

المصدر : صفحة الفيسبوك الشخصية .