السُلْطَة والصلاحية المُعطاة بموجبها ، تستوجب المسؤولية لمن يملكها، تجاه المجتمع الذي يُديره ، وتعبير الخيانة أو البطولة تعابير بلاغية حماسية ، إستخدامهما في معرض تحديد المسؤولية ، دون ربطهما بالسلطة والصلاحية ، والمسؤولية بالمعنى القانوني، وبكافة القواعد القانونية المضبوطة القابلة للقياس والتحقق ، والغير القابلة للتأويل …. هو تمييع للمسؤولية …
هذه الدول الناطقة بالعربية لديها إرث كبير من الإستبداد وخلط السياسة بالدِّين وتمييع المسؤولية والإدارة الأبوية لمجتمعاتها ، وحيث ” الأب – القائد – الرّاعي ” في أقصى الحالات من المسؤولية … يُلام .. ولا يُحاكم !
بل يملك الأرض التي يديرها ويملك ما عليها ، ويملك ” أبناؤه – المواطنين ” ويحق له التصرف بهم ، فهو أولى بهم من أنفسهم وأدرى بمصلحتهم …
وما إلى ذلك من تداعيات مفهوم ” الأب – القائد- الرّاعي ” في إدارة المجتمع …
وحتى إن انتفض بعض منا في ظل هذه الثقافة الأبوية التي هي خليط غير مُتجانس من الإستبداد والقداسة والتدين الزائف … الخ
فهو ينتفض على” الأب – القائد – الرّاعي” لأنه من غير نَسَقِه الفردي أو الفئوي أو الطائفي أو الديني أو الأيديولوجي ” في الأغلب الأعم ” ويرتضي لنفسه ” الأب – القائد – الرّاعي ” من نسقه المتقدم ذكره .
وحيث كما قال يسوع :
” قذىً في عين أخيك تراها ! خشبة في عينك لا تراها ! “…
وهذا الإرث من الإستبداد والقهر والتّخلف والقيم والمناقب التي تجاوز الزمن مدلولها ودورها … الخ
تصحُّ دراسته كعوامل مُعيقة لتطور المجتمعات الناطقة باللغة العربية ، في معرض الدراسة والتحليل الموضوعي التاريخي لهذه البنى ….
ولا يجوز البتّة إعتبارها في تحديد المسؤولية القانونية المُعاصرة ، في الدول ذات الأنظمة ، الواضح في قوانينها وإداراتها، الأفراد المُتحكِّمين بالسلطة ،والمتمتعين بالصلاحية المستوجبة المسؤولية عن أفعالهم في المجتمعات التي يديروها وفق القانون المعمول به …
لأن إستخدام ذريعة هذا الإرث الثقيل المتخلف والمتعدد الجوانب عند تحديد المسؤولية القانونية لهؤلاء ” الأباء- القادة – الرعاة ” بغية تمييع المسؤولية عنهم …
هو خداع ثقافي من مثقفين يُحِبُّون موائد السلطان وبنفس الوقت يُحِبُّون الحديث عن هموم الجمهور ..
في تلك التوليفة القديمة من خداع بعض المثقفين ، للعامة من الجمهور …
هذه البلاد تحتاج الى الإنتقال من مفهوم ” الأب – القائد- الراعي ” ومن مفهوم ” الأبناء – الجنود – الرعايا ” وتداعيات ذلك في مفاهيم ” الولاء والبراء والعطايا والسماح والهبات والعفو … ” … في المزرعة – الدولة … الخ
الى مفاهيم الدولة حيث الذوات الإنسانية الحرّة ” بالمعنى الضروري والممكن والمُتاح للكلمة ” تُحكم بالقانون ، الذي هو التعبير الواضح المحدد عن ” الكلمة سواء ” المجتمعية .
وذلك عبر تبني ثقافة مختلفة كلياً عما نلوكه من طق حنك حول إرث إنساني مزعوم لدينا …
ثقافة تحترم الإنسان جسداً وروحاً وإمكانية وحيّز شخصي وحق بالتعبير … الخ
بخطوات ملموسة من توزيع عادل للثروة والحقوق والواجبات …. الخ …
حتى يُمكن لنا كمجتمعات ناطقة باللغة العربية ، كبشر فيها مُتعدّدي الإثنيات والأديان والمناطق والتجارب الروحية والأيدولوجية …
حتى يمكن لنا وضع الخطوة الأولى لنا على درب التمدن الطويل والذي يمتد أمامنا لعقود بل وقرون ..
إن هذه الُسلطات في مشرقنا ، إستمرأت طويلاً إدارة التناقض وإنتاج العتمة وحراستها، في لعبة قذرة من الإدارة المجرمة غير المسؤولة لهذه المجتمعات ، إدارة قذرة مجرمة ، قوتها في إنعدام وجدانها ومسؤوليتها …