حتى الآن لم يتم الكشف عن نتائج الاتصالات واللقاءات التي جرت برعاية ايرانية تركية أساسية ، وبمعاونة دول أخرى ، بين الإسلام السياسي ممثلاً بحركة الإخوان المسلمين وبين نظام الأسد الابن ، حيث الأول كممثل مُفترض للثورة ، والثاني كممثل مُفترض للدولة . بما فيها لقاءات جرت بين الطرفين في دمشق .
أقصى ما يمكن أن يقدمه نظام الأسد الابن للسوريين ، موالاة ومعارضة ، كتنازل أو كعملية ” إصلاحية ” هو شراكة ” حكومة وحدة وطنية“ مع الاخوان المسلمين كما جرى في الثمانينات بعد حوادث الاخوان المسلمين التي انتهت بتلك الصفقة ، و التي كانت على نطاق أضيق .
وبما يقتضي تعديل الدستور الحالي تعديلين أساسيين لجهة صلاحيات محددة دستورياً لمنصب رئيس الوزراء ، وهو حالياً ليس له أي صلاحيات مُعتبرة ، وكذلك حذف شرط الاقامة مدة عشر سنوات غير متقطعة في سوريا لأي مرشح للرئاسة القادمة .
لنكون أمام تتويج لتلك الثنائية التي اشتغل الاعلام بكل أطرافه عليها ، بالمآل و السياق وهي : نظام الاسد الذي يُمثّل ” الدولة “ والاسلام السياسي ، مختصرا ً بالإخوان المسلمين الذي يمثل ” الثورة ” . وهي ثنائية بطبيعة الحال غير صحيحة اختزلت الوضع السوري بغير حقيقته ، وعزّزها أغلب السوريون ، بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر، إما عبر قولهم أن هناك نظام علوي وثورة سنية ، أو بتذاكي أكبر القول أن هناك ثورة شعبية ضد نظام علوي أو بالقول أن هناك نظام عَلمَاني وثورة متطرفة ، أو هناك ثورة سنية ضد النظام والدولة …الخ والمحصّلة واحدة ..
رغم أن الطرفين : الاسلام السياسي ونظام الأسد الابن استثمرا فعلاً بكل العصبيات بما فيها العصبية الطائفية ومن كل نوع ومن كل مستوى لتحقيق أغراض سياسية ، بيد أنهما بكل تأكيد لا يمثلان الدين ولا الدولة ويستخدمانهما ..
مرحلة ستتوج بترشّح شخصية إخوانية معروفة ، أو واجهة لهم ” مدنية ” معروفة ، بمقابل الأسد الابن الذي أعلن عن نيته التّرشّح بل وباشر من الآن حملته الانتخابية منذ فترة بمساعدة الاعلام الروسي الذي يخضع بدوره للوبيات متعددة ، حيث قدّم الأسد الابن للروس كل المغريات لدعمه بما في ذلك تمديد الاتفاقات الموقعة لخمسين سنة وتوسيع حجمها .
كما أن الاخوان المسلمين قدموا كل المغريات ل ” الأم ” تركيا ، التي لا بد للتضحية بالابنة ” سوريا ” لتعيش الأم على حد تعبير سابق لأحد قادة الاخوان المسلمين السوريين ، ويبدو أن الأمر الآن هو رهن توافق روسي تركي بهذا الشأن .
وبذا يكون حُمّل مفهوم مرجعية حنيف الذي هو بالأصل حمّال اوجه ، حُمّل على الوجه الذي طرحه الأسد الابن بداية وهو مفهوم ” حكومة وحدة وطنية ” لأنه يأمل بالفوز بالرئاسة كونه يثق بأن السوريين سيختارونه كخيار أقل سوءاً من الطرف الأخر“ الاخوان المسلمين ، التّطرف والارهاب ” بالذهن العام السوري ..
وكذلك الاخوان يأملون بالفوز بمواجهة ” النظام النصيري السّفّاح المجرم “ وأنهم يعتقدون أن الشعب السوري سيختارهم كخيار أقل سوءاً منه .
وكلاهما يستثمر بالكراهية وبكونه في أسوأ الأحوال هو الخيار الأقل سوءاً أمام ” الشعب السوري ” الذي يُعوّل كل منهما عليه وله تصور مختلف عنه و إيمان مختلف به .
والأرجح الغلبة ستكون للأسد الابن ، ورئاسة الحكومة مع صلاحيات دستورية جديدة لرئاسة الحكومة ستكون من نصيب الاسلام السياسي ممثلاً بالاخوان المسلمين .
لنكون بالتالي أمام أمراء الحرب الذين قتلوا السوريين سابقاً ، أمراء السلام الذين يُنقذوا السوريين لاحقاً ، وحيث سادتهم في الجاهلية ،سادتهم في الاسلام ، وهم الأبطال في كلا الحالين .
ولكل منهما أمام أنصاره حجته لتبرير هذه النقلة من ثقافته التي يمتطي بها أنصاره ، حيث النظام يعتمد بتسويق نقلته تلك على مفهوم المصالحة والضرورة الوطنية والمسامحة و أبناءنا المغرر بهم ..الخ وقد باشر فعلاً بتعيين إرهابيين في مجلس النواب وقادة في الدفاع الوطني…الخ .
والاخوان المسلمين ، سيسوقون النقلة لانصارهم على مفهوم حقناً لدماء المسلمين ودفع الضرر الأشد بالضرر الأخف وإن جنحوا للسلم فاجنح لها والتّمكين … الخ .
هذا السيناريو الأكثر واقعية ، ولن يحول دونه الا أن تكون الصفقة غير مناسبة لأحدى الجهات الداخلية أو الاقليمية أو الدولية فتلجأ هذه الجهة عبر شخص لالحاق الطرف الأكثر تكثيفاً ووضوحاً وهو الأسد الابن ، الحاقه بالرفيق الأعلى . أو أن يرضى الأسد الابن بصفقة يخرج بها ، وقبوله بذلك هو احتمال ضعيف .
أو أن يتفق السوريون على الخيار المتجاوز لخياري الارهاب أو الديكتاتورية ، عبر مرشح أخر يستغل تلك التعديلات الدستورية والترشح للرئاسة ويقلب الطاولة على الطرفين ، الأسد الابن والاخوان المسلمين معاً . من أجل سوريا للسوريين كل السوريين بمعزل عن مجرمي الحرب .