يقول بيان وزارة الخارجية التركية :
{ بصفتها ضامنة للمعارضة السورية ، تابعت تركيا بناء على دعوة موجهة إليها مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي استضافته روسيا الإتحادية…}
وفي فقرة حاسمة يقول بيان وزارة الخارجية التركية عينه :…
{وأهم نتيجة تمخضت عن هذا المؤتمر هي الدعوة إلى تشكيل لجنة دستورية واختيار مجموعة من المرشحين يبلغ عددهم 150 شخصاً لعضوية هذه اللجنة. وقدم الوفد التركي المفوّض بتمثيل المجموعات المعارضة التي اتخذت قراراً بعدم المشاركة في المؤتمر، قائمة تتكون من 50 مرشحاً تم إعدادها بالتشاور مع المعارضة.
وفي المرحلة المقبلة ننتظر من المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية أن يقوم بتشكيل لجنة دستورية وفق مسار جنيف الذي يستمر لغاية اليوم بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، حيث سيتم فيها مراعاة التمثيل النسبي للمعارضةً. وخلال قيام المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية بتشكيل هذه اللجنة سيكون بمستطاعه أن يعين أسماء من داخل أو من خارج قائمة الـ 150 شخصاً. وستقوم تركيا أيضاً، بصفتها ضامنة للمعارضة، بمتابعة الأعمال المتعلقة بتشكيل اللجنة الدستورية عن كثب}.
الآن وفق زعمي بدأت المرحلة الحاسمة بالمعنى القانوني والدستوري لجهة محاولة جدية حثيثة من قبل الأسد الإبن – أردوغان – بوتين ، بدعم دولي لوضع علبة أخرى في صندوق مرجعية جينيف ، حيث يُحافظ على غلاف مرجعية جينيف للحل ، ويتم تفريغ المرجعية نفسها من مضمونها بشكل نهائي لمصلحة إجراء إصلاح دستوري ، للدستور السوري الحالي الذي صدر في 2012 بعد أن كثّف صلاحيات رئاسة الجمهورية وموّهها بنفس الوقت ، وخرج من إشكالية قانونية لموقع الرئاسة حينها حيث كانت ولاية الأسد الإبن ستنتهي حكماً في 2014 , وكان لا يمكنه موضوعياً دخول ولاية ثالثة إلا بتعديل دستوري ، مما أعطاه بموجب الدستور الجديد مرور ما سبق من ولايتين وبدون أي ملاحظة عليهما ، وتحقيق إمكانية ترشّحه دستوريا ً مرتين أخريين ريثما ينتج أمر جديد يساعده أو يساعد ولده حافظ للرئاسة !
في حال تبني ديميستورا طلب تركية المنوه عنه في بيان وزارة الخارجية وتشكيل لجنة دستورية وهذا أمر محتوم بزعمي ، فهذا يتلاقى مع لغة ديميستورا التي نوهّت لخطورتها من حيث التداعي الفقهي القانوني الدستوري ، حيث فوجئت في جولة جينيف الثامنة أثناء حضوري كمستشار للوفد هناك ، بإصرار ديميستورا على إستخدام تعبير ” البحث في الدستور ” ولم يستخدم أي مرة ، تعبير ” العملية الدستورية ” حيث التعبير الثاني يقتضي وجود ” بيئة آمنة محايدة “- تعبير ورد في القرار الدولي ذي الصِّلة – وهذه البيئة لا يمكن واقعياً وموضوعياً وقانونياً تحققها في ظل ” النظام ” الحالي ، بمعزل عن محبة هذا النظام أو كراهته ، في حين التعبير الأول هو تعبير لا يلحظ هذه البيئة المنوه عنها ولا يعتبرها ضرورة وبالتالي يمكن إجراء تعديل دستوري بدونها ،يسمح بتقاسم سلطة بين الأسد الإبن وشخصيات من الاسلام السياسي غالباً جماعة الإخوان المسلمين ، بإعتبارهم الجماعة الأكثر إعتدالاً من داعش والنصرة وبقية الفصائل المتطرفة التي ساهمت بمآل الأمور ، وبمعزل عن النوايا الطيبة من عدمه، ساهمت هي كجماعة مع ” النظام ” بتشكّل تلك التنظيمات سواء عبر إطلاق سراح مجرمين إرهابيين من السجون السورية عبر مراسيم عفو رئاسية أولها رقم 62 تاريخ 31 آيار 2011 الذي أطلق زهران علوش وبقية قادة فصائل متطرفة لها … أو عبر قيام جماعة الإخوان المسلمون بدعم هذه الفصائل مالياً ولوجستياً بعلاقاتها مع قطر أو عبر السعودية أو بمعسكرات التدريب التركية للارهابيين القادمين من دول العالم أو المرسلين من حكوماتهم مثل التركستان الصينيين أو دواعش الشيشان الروس !
مع ملاحظة الكونترول الأمريكي الكامل بما يخص الخليج عموماً بما فيه قطر والسعودية ، وكذلك تداعيات تشكيل غرفتي ” الموك ” و” الموم ” المتحكميتين بمسار العمل العسكري حينها وبما يخدم بقاء ” النظام ” الحالي وتحويل الصراع لصراع طائفي وليس ثورة من أجل حياة أفضل ، والمُلفت هنا هو الدور الاسرائيلي في إختراق تنظيمات إرهابية كالنصرة ودعمها ومثيلاتها في الجنوب السوري بل المبالغة بإظهار معالجة جراحها في المشافي الإسرائيلي ، وبما يخدم دعاية “النظام ” حول إلتحاق ” المعارضة العميلة ” بإسرائيل ، وحتى هذه اللحظة يبدو أمر التصرف الاسرائيلي تناغم بين مختلفين ” النظام / إسرائيل ” بيد أن مشاركة الطيران الإسرائيلي بشكل مُكثف وبالتعاون مع الطيران الروسي عبر الخط الساخن في حميميم ، في تنسيق طلعات الطيران الإسرائيلي – الروسي ، في قصف المدن والبلدات السورية طيلة الفترة السابقة كما أزعم ، بل كان يُمرر أخبار بأن هذا الطيران يستهدف حزب الله وهو أمر لم يتم التثبت من صحته ومن زعمه .عند هذه المشاركة الإسرائيلية في مساعدة ” النظام ” و روسيا ب ” تأديب السوريين ” حتى لا يقوم لهم قائمة بعدها …
وكذلك عند ملاحظاتي الدعم اللوجستي الاسرائيلي ل ” النظام ” في الإعلام الغربي وفي الدوائر السياسية الأوربية بل حتى في أروقة الأمم المتحدة ومسار جينيف ، بل إذا استدعى الأمر ذهاب نتانياهو الى سوتشي متزامناً مع وجود الأسد بلقاء بوتين هناك ،فاسرائيل موجودة بما في ذلك زيارة نتانياهو الأخيرة لروسيا متوازناً ذلك مع إنعقاد ” مؤتمر الحوار السوري ” في سوتشي ، الذي حصلت بموجبه تركيا لتقويض مفترض من معارضة مُفترضة . لتستكمل عملية تفريغ جينيف بوضع علبة سوتشي الروسي في صندوق جينيف ، هذه العلبة التي تتضمن بدورها علبة ” مجلس الشعب السوري ” في مقاربة الأمور لمصلحة بقاء ” النظام ” ….
نكون هنا أمام أمر يفوق التناغم بكثير .!
وفقاً لما تقدم فإن الشخصيات السورية التي ستختارها تركيا من حاضري سوتشي أو من جُهزوا من خارج الرافضين لحضوره ، هؤلاء سيكونون وسيلة تركية لإعادة تعويم إصلاح وتقاسم سلطة في ظل ” النظام ” الحالي .
وبطبيعة الحال سيتلقف ديميستورا لجنة الدستور المقترحة – المتفق عليها ، لتكون الوعاء القانوني الدستوري لإجراء إصلاح تحت سقف النظام الحالي يُفضي لتقاسم السلطة وفق ما ذكرت .
بيد إني أعتقد أنّ ما جرى في سوريا حتى تاريخه لم يعد بالإمكان حله وفق طريقة متطورة من تقاسم السلطة الذي جرى في الثمانينات بين الاخوان والأسد الأب برعاية بريطانيا داعمة الاخوان حينها مع الاسد .
لم يعد الأمر ممكناً وفق هذه الصيغة .
وقد تكون نهاية مختلفة عند فشل تطبيق ذلك .!