تبرع الكثيرون بنشر مقالتين ل ( رضوان زيادة) عن ( العصبية العلوية ) التي رؤوا فيها السبب في تأخر النصر ، لا بل و منهم يائس محبط يتحدث عن مصطلح جديد هو ( فشل الثورة ) . و لأنني معني قبل كل شيء بالمصطلح الأخير الذي أرفضه جملة و تفصيلاً ، و أمارس صبر السوري العنيد المتأكد من نصر هذا الشعب العظيم ( الواحد) على قوانين المزرعة التي يرعاها النظام ، و أعراف الدكاكين التي تبنيها و تسير وفقها أغلب المعارضات الدكنجية، أسرع للقول بأن نصر الشعب السوري على هاتين الظاهرتين لا يحتاج إلا للعقلاء و المحترمين و العقول الواعية لكل كلمة ، لا العقول التي نامت و تستيقظ على عناصر الشحن الطائفي المقيت الذي يوزع على المراهقين في صرر الضحالة التربوية تحت عنوان ( عدو جدك ما يودك ) ، و ( تالله لننتقم ) !
ما يضحكني ضحكة المتألم مما قرأت عن (زيادة) في مقالتيه عن العصبية العلوية ، أنه لا ينتبه أبداً إلى أن هذا النوع من الكلام هو ما يريد النظام لنا أن نستنتجه و نحوله لرأي عام ( ناجز ) ، حيث يدرك – أي النظام – وجود تلك النزعة و قد لعب عليها .
في حوارات طولية لي في جامعة سورية خاصة كنت أستاذاً فيها في قلب الحرب ، كان يجتمع مساء عدد من المواطنين السوريين ، يناقشون بطبيعة الحال كل شيء عن الحال و المستقبل، حيث يندر أن تجد إنساناً سورياً واعياً يصفق للمزرعة أو للدكتاتورية ، و لكنك غالباً ستجد من يحدثك في قوانين الاحتمالات الرياضية و البدائل الممكنة، التي كانت كلها على السوري (مر و مر) !
و أكثر المر كان على العقلاء و المتبصرين و لازال ما قال عنه المتنبي ( أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم ) ، فكيف إذا كان هذا الورم يريد ذبحك على الهوية .
اذكر حواراتي في هذه الجامعة لأنها في قلب ( وادي الحضارة ) أو ( وادي النصارى ) الذي كنت أشهد فيه ( عصبية الخائفين ) ، و كنت من القلائل الذين يحاولون فكفكة هذا الخوف في حديثي، و أنا أشير إلى الجانب النبيل المتحضر من الثوار السوريين ، الذين لابد من بناء الحياة معهم ، و كان الرد يأتيني خائفاً ، يشير إلى مجموعة من الظواهر أولها و أهمها أن كل المناطق التي حكمتها الثورة صارت ( قندهاريات) فعن أية عصبية علوية تتحدث يا رضوان زيادة ؟؟!
هي العصبيات كلها خرجت من جحر الدبابير مرة واحدة فلم يقبض عقلك على واحدة منها فقط ؟؟! هل لأن الإجابة مريحة و لا تضطر معها للحديث عن أسباب تاخر النصر ؟ و هي المرتبطة أولاً و عضوياً باختطاف ثورية الحرية و الكرامة من قبل (المشروع القروسطي) الذي لطالما وقفت معه أنت و غيرك ؟
كيف تريد للعلوي و المسيحي و لغيرهم ألا يتعصبوا بالارتكاس و هم يرون هجوم الذقون هذا ؟
بل كيف تريد للسني المتحرر من القندهاريات ألا يخاف أيضاً؟
أذكر أني قرأت عن العزيز نجاتي طيارة ، أن جمعاً من المشايخ حاول منعه و هو الرجل الوطني أثناء اعتصام الساعة في حمص، من دخول خيمة قيادة الاعتصام ، و لكن شجاعته جعلت منه الواحد العلماني الوحيد فيها، أي بين جمع المشايخ ، الذين كان عليهم أن يلعبوا في الحقيقة الدور الثانوي الناصح فقط في قيادة كل العمل الثوري ضد النظام الفاجر ، لا تبؤ القيادة ! (و هنا سر تأخر النصر ، لا العصبية العلوية !) فهذه الأخيرة من حيث الرقم العددي لا يمكن لها بأي حال من الأحوال أن تغير المشهد و العلويون لا يزيدون عن 12% من كل الشعب السوري !
نعم في نظام المزرعة تم توريط الفلاح الريفي الطيب ، حيث تم إيقاعه في معادلة لئيمة ، ترسله هو و أولاده إلى ساحات الموت ، كل هذا صحيح ! فدفعت طائفة صغيرة العدد أرواح نصف رجالها في هذا المعركة اللئيمة ، و لكن هذا كاستنتاج علمي – حيث العلم يتطلب الحياد – لا يمكن اعتباره لقيا أرخميدس أبداً، و بل و من الكسل العقلي القبض عليه ، و اعتباره ( قاتل الزير) !
كما أنه من المرفوض من أكاديمي و أستاذ جامعي ، الافتقار إلى الموضوعية العلمية بعدم المرور على كامل المشهد حين يتحدث أو يكتب . فالنظام أطلق النار هلى الدولة نفسها عام 2011م هذا صحيح ! و من أجل إخراج أفاعي الطوائف و ترقيصها على عزف السلاح و الموت ، بيد أن الأفاعي كلها خرجت ، و بالنسبة لي كل الطوائف حين تكره أفاعي ! كل الطوائف حين تكره أفاعي . و ما على العقلاء و المحترمين إلا إسكات العازف الذي يرقص الأفاعي الطائفية ، و إذا كان لأستاذ جامعي أن يتحدث عن ترقيص أفعى بعينها ، دون رؤية كل هذا الرقص المجنون، فهو والله يعزف لترقيص الأفاعي هو الآخر !
استقيظوا يا قوم !