°
, March 19, 2024 in
آخر الأخبار
عيـســـى ابــراهـيـم

تجاوز التجربة الإنسانية يقتضي نمو من داخلها ، يحترمها ويتفهمها .

الصورة القديمة لأسلافنا ، حيث مثلاً بنطلون الشارلستون الطويل ذو الوسع المُلفت في الأسفل والخصر الضيّق بالأعلى ، وذلك القميص الضّيّق بالخصر والأرداف والقبة العريضة والطويلة وقَصّة الشَّعر مع السوالف الطويلة والعريضة …. ..الخ قد تبدو لنا الآن مضحكة وكاريكاتورية  ومتخلفةالخ

ولكن علينا أن لا ننسى أنها كانت في حينها وظروفها والتجربة المجتمعيةالخ كانت نقلة نوعية في القيم الجمالية ، بل كانت مقياس للتحضّر والجمال .!

ما يَصحُّ في هذا المثال الجمالي ، يصح تدبره في كل التجارب الإنسانية المتعددة في السياسة والفن والأدب والدين والاقتصاد والحب ….الخ بما يخص ماضينا ، وماضي غيرنا ، أو ما يقوم به المُختلف عنا .

الأمر الذي يُوجب علينا التوقف عن هذا النزق والتعالي والمبالغة في الشتم  والتّهكم والإساءة  لكل تلك الظواهر والتجارب المجتمعية، وتفهم ظروف نشأتها وتطورهاالخ 

وإذا كان هناك رغبة في التحسين والانطلاق الى طور أفضل بالتجربة الإنسانية في كل ما تقدم وفي غيره ، وهو بكل تأكيد ضرورة و حق و واجب  ، فذلك يبدأ من نمو داخل البذرة ، أو البيضة نفسها إن شئت ، حيث إحترام التجربة والمحيط وتفهمها ، ومن ثم نمو تجربة تتجاوزها الى الأفضل ….

دون ذلك فنحن في ثأر شخصي حاقد ولئيم ومغرض ومتربص ، يأخذ من العلوم الحديثة مطية للفتك بالأخر ، أيّاً كان ، على خلفية آنا جائعة للتفرد ، تبلع الكون ولا تشبع ، بسبب القلق والخوف وانعدام الثقة والشعور بقلة الفرص والموارد ، رغم أن الحياة واسعة الموارد والفرص  فلكل منا مساحته الفريدة الإفتراضية الهائلة ، التي لا يمكن لأي إنسان تضييقها ، إلا صاحبها يملك ذلك .

علينا وقف هذا الأمر،  فما نراه وأراه عصرياً الآن ، قد يكون مدعاة لدى أولادنا وأحفادنا لنفس التهكّم وقلة الأدب بحقه كما تُمارس نحن بحق تجارب الأخرين ، يَصحُّ هذا تجاه التاريخ وتجاربه وتجاه تجارب الأخر المختلف الآن ومعاصرة .

فهذا الفهم المُنكر لقيم الحياة وإنتقالها من طور لطور تبعاً للتجربة ونضجها ..سيفقدنا إمكانية الإستفادة من تجاربنا وتجارب الأخرين،وسيحولها لتجارب كاريكاتورية بسبب  تقديسها أو شيطنتها ، والدوران في حلقة مفرغة من الإنكار لأي منا تجاه الأخرين ومن الأخرين تجاهنا !. بدلاً من البدء بسلم التطور درجة درجة . عبر إحترام التجربة وفهمها ومن ثم تجاوزها لما هو أفضل .