من مخاطر فهم الحدث التاريخي ، أو فهم موقف أطرافه ، هو اسقاط الوعي الحالي ، والبيئة الحالية بوضعها الراهن ، أو العدد الحالي للسكان ، أو القيم و المناقب الحالية على الحدث التاريخي ، وجعلها محيطه الحيوي المزعوم منا ، فذلك يُعطي فهم مضلل لصاحبه قبل غيره ، فَهْم يعتمد ” منطق ” مدعوم ب ” أدلة ” وكلاهما مضللين وإن لبسا لبوس الموضوعية .
لذلك أزعم أن الاحصائيات وكذلك الوثائق المتعلقة بحجم الغابات مثلاً ، أو عدد السكان ومعدل الأعمار ، وطريقة اللباس ، ومدى تأصّلها بالبيئة أو ملائمتها لها، و مستوى الصحة العامة، ونسبة الذكور للاناث أو العكس ، أو المناطق الرعوية أو الزراعية أو الهطول المطري، أو دراسة العادات والتقاليد حينها ، كما مستوى الوعي حينها حيال النصوص بمختلف أنواعها وكذلك تفهم الظواهر الطبيعية …الخ
يجعلنا نتفهم الظروف الأكثر موضوعية – قدر الامكان – للحدث التاريخي والخلفية المعتبرة في الموقف لدى أطرافه .
بزعمي الحياة نهر نمو دافق أبداً لا يتشابه البتّة بتفاصيله ، وأن بدا أنه متشابه بالتوصيف العام والنظرة البعيدة غير المتفحصة بالتفاصيل ، وكذلك الأفكار والقيم والأخلاق والوعي متبدل وينمو مع الوقت ، و استحضار اللحظة التاريخية و شخوصها ، يستدعي تفهم كل ما تقدم وغيره ….. وما يبدو جميلاً وكُلي الصحة أو كليّ الجمال و الحُسن أو كُلي البعد الأخلاقي ، مع الزمن قد يكون الانطباع حياله لاحقاً ، وكذا العكس في ذلك ، هو نفس انطباعنا عن صورة قديمة لنا أو لغيرنا ، تجاوز الزمن جماليتها المُسبقة تلك !
لذلك أقول من المهم تفهم واحترام ذلك وانضاج التجربة الانسانية عبره والانطلاق في المسيرة الانسانية المتجددة أبداً ، طبعاً مع التنويه أن العناوين العامة للخير والشر والقوة والصور العامة ….الخ تبقى مستمرة و يبدأ الخلاف عند تحديد تجسّد ذلك بالتفاصيل ، حيث المسؤولية تكمن في التفاصيل وليس الشيطان !